شرعت معظم المؤسسات الإعلامية، مؤخرا، في خوض مضمار المنافسة في مجال الإعلام الرقمي وتقديم وسائل مختلفة تستهدف شرائح المجتمع بكافة رغباته وتوجهاته، إلا أن التحدي لم ولن يكون سهلا في المرحلة المقبلة، في ظل اختلاف المفاهيم والأساليب الجديدة حول إيصال ونشر المعلومة في قالب رقمي يمكن القارئ والمشاهد والمستمع من تلقيها والاستفادة منها أو حتى مشاركتها الآخرين. والأمر لم يعد كما توقع البعض من المختصين في الإعلام أو الإعلان، فالمعادلات تغيرت والحسابات اختلفت مع ظهور استراتيجيات وتقنيات جديدة حسمت الجدل الذي دام طويلاً حول الإعلام الورقي والرقمي، وأيهما سيظل أكثر صمودا في ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الإعلامية، وتحولت المسألة من منافسة إلى تكامل استراتيجي للصحف الورقية، الأمر الذي جعل المؤسسات الصحفية تتحول إلى إعلامية لتنتج الكلمة والصوت والصورة في آنٍ واحد. ومع هذه المتغيرات، تعددت المنتجات الإعلامية في الشكل والمضمون، فنجد أن بعض الصحف مثل الجارديان تنتج اليوم برامج وحوارات صوتية متاحة عبر متجر «الأيتونز»، في حين تنتج ال USATODAY حوارات مرئية في مجالات مختلفة، أما الWall Street Journal فأصبح لديها قناة مرئية تبث بعض التقارير مباشرة عبر الأجهزة النقالة. وكل هذه المنتجات الإعلامية تعكس الثورة المعلوماتية التي وظفتها المؤسسات الإعلامية باحترافية في تقديم باقة متنوعة وأكثر ثراء من ذي قبل لتلبية رغبات القارئ أو المشاهد. والمتابع للتوجهات الجديدة يدرك جيدا أن ما تقوم به الصحف الورقية في الوقت الراهن إن جاز التعبير عبارة عن «استراتيجية عمل» لمرحلة ما قبل انتهاء عصر الورق، ومن هنا جاء مفهوم «الائتلاف الإعلامي» ليصنع أنموذجا جديدا في سماء الإعلام يلبي تطلعات القارئ العصري واحتياجاته في قالبٍ موحد يجمع (الورق والتقنية) معا، وإن اختلفت الأشكال والمسميات. هذه الرؤى جعلت الصحف والناشرين يستعينون اليوم بتقنية الواقع الافتراضي، أو ما يسمى Augmented Reality، والتي ظهرت في أواخر التسعينيات على شكل ابتكارات حديثة لم توظف فعليا لحداثتها وعدم إدراك أبعادها آنذاك. إلا أن هذه التقنية جددت آمال الناشرين في الورق، وجعلته أكثر قوة من ذي قبل، بل وفتحت آفاقا جديدة وواسعة للصحف على صعيدي التحرير والإعلان. فأصبح القارئ يدمج الواقع بالخيال وهو يطالع الصحيفة، ويحول الصورة الثابتة إلى وسائط متعددة تتجسد فيها المادة المرئية والصوتية والصور ثلاثية الأبعاد وغيرها من الوسائط المعلوماتية؛ لأنها تعتمد على نظام تخزين يربط الصورة المطبوعة على الورق بالغرض المراد تنفيذه مثل الفيديو أو المواد المرئية، ما جعل هذه التقنية تحظى بتفاعل كبير وفي عدة استخدامات، إذ تتوقع «جونيبر» للأبحاث الإعلامية أن ما يقارب 2,5 مليون من تطبيقات تقنية الواقع الافتراضي سيتم تحميلها سنويا بحلول عام 2017م على الأجهزة النقالة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. ويعزز الحاجة إلى الاستفادة من تقنية «الواقع الافتراضي» أن وسائط الإعلام الرقمية سوف تنمو بشكل هائل في الأعوام القادمة، وهناك توقعات بأن يكون 90 % من محتوى الشبكة العنكبوتية على شكل مواد مرئية بحلول العام 2015م، بحسب ألفونسو دي جيتانو رئيس «غوغل إندستري»، أي أن الوسائط المتعددة ستكون القالب الأكثر انتشارا في صناعة المعلومات والأخبار على مستوى وسائل التلقي المختلفة التقليدية منها والإلكترونية. وهو ما جعل الصحف تغير سياسة نقل الخبر أو صناعة المادة الصحفية، وكذلك طريقة نشر الإعلان، لتستعيد وهجها من جديد عبر حلول تقنية مبتكرة، والظهور بقوالب صحفية وإعلانية مدمجة بين الورق والتقنية. الميزة التنافسية وتأتي أبعاد تطبيق تقنية الواقع الافتراضي واستثمار الصحف لها في الجانب الإعلاني كدخل إضافي هام ذي ميزة تنافسية، علاوة على رفع مستوى الولاء بين القارئ والصحيفة واستقطاب شرائح جديدة من القراء، خصوصا (شريحة الشباب)، بالإضافة إلى تحويل سلوك القارئ في مطالعة الصحيفة من عادة تقليدية إلى متعة يومية يتشوق لها، ما يعني زيادة فرصة الاستجابة للإعلان وحجم التفاعل واتساع رقعة وصول الرسالة، واستفادة قطاعات حيوية في السوق من هذا التوجه الجديد مثل قطاع السياحة والسيارات والعقار وقطاعات التجزئة عموماً. وأتوقع خلال السنوات المقبلة أن يتخلي الناشرون عن رمز الاستجابة السريع، أو ما يعرف ب QR code، والاعتماد على تقنية الواقع الافتراضي بهدف زيادة الحجم الإعلاني والمحتوى التفاعلي للورق وتعزيز الإعلام الورقي من جديد. ولا سيما أن أشهر وكالات أبحاث في الأجهزة المحمولة Juniper تتوقع وصول عائدات الإعلان من تقنية الواقع الافتراضي عالميا أكثر من مليار ونص المليار دولار في عام 2015م. كما بلغ عدد الأجهزة المحمولة التي تحتوي على التطبيقات أو البرامج المشغلة لهذه التقنية أكثر من 100 مليون جهاز في عام 2010م، وهو ما يجعل معظم الصحف حول العالم تقبل على طفرة إبداعية رقمية في طريقة تقديم المحتوى الإخباري والإعلاني للقارئ عبر تقنية الواقع الافتراضي. فهذه التقنيات لم تعد حكرا اليوم على جهة بعينها أو تحدها معوقات كثيرة، كما كان الأمر في السابق، بل اشتعلت المنافسة أكثر الآن سواء على المستوى المحلي أو العالمي بين الوسائل الإعلامية، وشرعت الصحف في تخصيص تطبيقات جديدة لها على الهواتف الذكية والأجهزة النقالة لتسهل على قرائها الاستفادة من تقنية الواقع الافتراضي وتحويل الصحيفة إلى فضاء تلفزيوني عالمي يشاهدون من خلاله الخبر والإعلان بالصوت والصورة، صانعين بذلك مفهوما جديدا للإعلام الرقمي وحقبة زمنية مختلفة قد تتبدل وتتغير فيها مفاهيم التواصل مع القارئ وقوالب صناعة الخبر ونشر الإعلان، لتصبح الصحف فيما بعد قادرة ومؤهلة لمواكبة «مرحلة إعلام ما بعد الورق». تقنية الواقع الافتراضي Augmented Reality تقنية الاستجابة السريعة QR Code لا تحتاج إلى نموذج ترميز على الورق، تحتاج نموذج ترميز ما قد يؤثر على شكل الصفحة ويجعلها غير لائقة في حال تكرر الرمز، تحتاج تعريفا، ولكن ستكون أسهل في الأيام القادمة لما تمتاز به من تشويق ومتعة في الاستخدام. بالرغم من أقدميتها إلا أنها لا تزال تحتاج إلى تعريف المستخدم خصوصا في المجتمعات العربية. تمتاز بالإبداع في التصميم والأفكار والتوظيف أو الاستخدام، علاوة على الخيارات المتعددة مثل الصور ثلاثية الأبعاد والمواد المرئية. بعض مؤسسات الأعمال والمسوقين لم يوظفوا هذه التقنية بشكل جيد وانعكس سلبا عليها. أسرع في الاستجابة وإيصال المعلومة أو الهدف المطلوب. تأخذ وقتا في التحميل والوصول إلى الهدف أو الموقع المطلوب، بالإضافة إلى اختلاف برامج القراءة وفاعليتها. تعتبر مستقبل الإعلام الرقمي والورقي، سيقل الاعتماد عليها نوعا ما في ظل تنامي وانتشار تقنية الواقع الافتراضي خلال السنوات المقبلة أشهر التطبيقات هي: Aurasma - Layar التطبيقات المشهورة مثل SCAN - QRafter * ماجستير تجارة وباحث في الإعلام الرقمي