رغم اتفاق الجنسين على أهمية إشراك المرأة في صناعة القرار بالدولة، ونيلها مزيدا من الحقوق التي تطمح إليها، والتي حصلت عليها بشكل مختلف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إلا أن الفريقين يختلفان على منحها بعض الصلاحيات وآلية تنفيذ القرارات في المجتمع. في البداية، استنكرت عضو حقوق جمعية حقوق الإنسان سهيلة زين العابدين، آراء البعض ممن يستخدمون الدين ذريعة لحرمان المرأة من حقوقها التي منحها إياها الشرع وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإشراكها في صناعة القرار بالدولة، مبينة أن الدين بريء من أفعالهم وأفكارهم التي يخضعونها لموروثهم الفكري والثقافي الذي يتناقض مع ما جاء به الإسلام. وأضافت: بأن البعض يؤولون تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة ويستندون إلى أحاديث ضعيفة وموضوعة لتأييد قولهم، وبعض الفقهاء اعتمدوا أقوال أصحاب تلك التفسيرات وبنوا عليها الأحكام الشرعية، ومن خلالها يحاولون حرمانها من ممارسة حقوقها في المجتمع، منوهة بأن بعض الدعاة يبين أن الرجل أفضل من المرأة وبأنها ناقصة عقل ودين وغير مؤهلة للولاية أو الشورى أو الانتخاب وتصويت أوترشيح نفسها، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم والعلماء الثقات أوضحوا كل تلك الأمور فلم يتركوا مجالا للاجتهادات المغلوطة السائدة في هذا الزمان التي فسرها هؤلاء بحسب رغباتهم؛ ليحاولوا بشتى الوسائل حرمانها من نيل وممارسة كامل حقوقها في المجتمع. وأشارت إلى أن المرأة السعودية لن تحصل على جميع حقوقها إلا إذا تم تصحيح جميع المفاهيم الخاطئة، بالإضافة إلى تصحيح الخطاب الديني بتجريده من التفسير الخاطئ للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة واستبعاد الأحاديث الضعيفة والمفردة والشاذة، وأن يتم التعامل مع المرأة على أنها شقيقة الرجل بذلك ستحصل على حقوقها كما نالتها في عصر الرسالة النبوية. نساء مبدعات وذكر المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط وأستاذ كرسي القضاء الجنائي الدكتور صالح بن سعد اللحيدان، أنه في ما يتعلق بالمرأة من الناحية الفسيولوجية، الخلقية والمعنوية، فإنها تختلف عن الرجل في النواحي نفسها وكذلك من الناحية السيكيولوجية، كما أن مجالها يختلف عن الرجل والعكس، وفقه النوازل وفقه المستجدات جعل الأمر يحتاج إلى نوع من التوظيف للأداء بصرف النظر عن الرجل والمرأة، إنما يجعل الإنتاج تحت النظر. وأردف اللحيدان، أنه اطلع على قراءات وآراء لنساء جديدة لم تطرح من قبل، كما أن بعض الرجال لا يصلون إلى هذا المستوى من التفكير العالي، وهذا يدل أن بعض النساء يملكن عقلا ورؤية وطرحا يستفاد منه. ويرى اللحيدان، أنه لا بأس من باب التجربة أن تكون المرأة عضوا في مجلس الشورى بصفة (مراقب) في مكان مستقل عن الرجل، لتستمع وتبدي الرأي بشرط أن تطرح أفكارا جديدة غير مسبوقة أو منسوخة أو معروفة، لأن الدمج بين رأي الرجل والمرأة يجب أن يكون على أمر جديد، ثم ينظر إلى عطائها في ما بعد ثم يوجه العطاء إلى ما يتعلق بالاستمرارية، لأن مجلس الشورى مع النقلة الجيدة التي يعيشها حاليا يحتاج إلى تجديد الأمور والقضايا والأفكار التي تطرح به لا سيما أن المملكة الآن تنشد الابتكار والتطوير والرقي الحضاري. فيما أوضح عضو لجنة الشباب والأسرة بمجلس الشورى الدكتور طلال بكري، أن حقوق المرأة وأولوياتها قد يتفق عليها البعض ويختلف آخرون، لكن المحصلة أن المرأة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز نالت الكثير من تلك الحقوق التي كانت تدخل في دائرة الأحلام، وستأتي باقي حقوقها لاحقا. وأضاف: بأن الأمر العجيب في بلادنا أن القيادة هي من تسعى إلى التطوير وفئات من المجتمع هي من تعارضها (نظرية الهرم المقلوب). واستطرد قائلا: أخشى على المرأة من نفسها قبل خشيتي عليها من غيرها؛ لأنها تعيش حاليا نشوة القرارين التاريخيين بدخولها مجلس الشورى والمجلس البلدي. ومن واقع ما أتابعه من الكتابات النسائية عن هذين القرارين أشعر أن بعضهن استأسدن قبل أن يدخلن العرين وأنهن سيأتين بما لم تره عين ولم يخطر على بال أحد، ويجب أن تتعلم المرأة أن جميع الأمور في المجلسين محكومة بأنظمة وقوانين وليس بسوالف المجالس. نهضة الأمة ويرى أستاذ الإعلام المساعد قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالله بانخر، بأنه يخطئ من يعتقد أن أية أمة يمكن أن تقوم على أحد الجنسين فقط دون الآخر أو حتى دون تحقيق توازن بين كل من الذكر والأنثى معا وإلا اكتفي الخالق عز وجل بوجود كائن واحد. وأضاف: إن جميع الأمم والحضارات التي ازدهرت عبر التاريخ والعصور ظهرت وارتقت بجهود رجالها ونسائها معا، بل وكان أحد أهم أسباب فشلها واندثارها الجنح إلى طرف دون الآخر. كما لا يمكن أن نختزل دور المرأة في الحمل والولادة على عظمته وأهميته فقط. ومن يعتقد ذلك فإنه يقصر دور الرجل، سواء بعلمه أو بجهله، أنه ينحصر في التلقيح والإخصاب فقط. إن دور الإنسان في إعمار الكون وإيجاد حياة كريمة يعتمد على المرأة والرجل في آن واحد، فهما جناحا تحليق أي أمة عاليا، وبهما يتم الرقي والنماء وبدون أحدهما لا يمكن البقاء طويلا ولا التحليق عاليا بين سائر الأمم أبدا. وهناك بون شاسع بين الذكورة والرجولة أو بين الأنوثة والنسوة، ولا أحد ينكر أن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله وأبقاه في أتم صحة وأكمل عافية لخدمة دينه ووطنه وشعبه-. التجارب الناجحة وأما المحامية والحقوقية سعاد الشمري والكاتبه مها عقيل، فترى أن المرأة السعودية أثبتت وبقوة نحاجها وجدارتها في كثير من المجالات الحياتية وأكدت على قدرتها ونظرتها الثاقبة في طرح الأفكار والحلول الناجحة في مجال عملها كقيادية، رغم محدودية الصلاحيات الممنوحة لها، منوهة بضعف وقصور معارضي حقوق المرأة في السعودية بالاطلاع على تجارب النساء في الخارج سواء في الوطن العربي أو العالم ككل. مهيبة بأهمية اطلاع هؤلاء المعارضين على تجارب بعض دول الخليج والدول العربية التي مكنت المرأة من المشاركة في صناعة القرار وحملتها المساندة في الإصلاح الاقتصادي والسياسي والثقافي.