لم تفجر الشركة الأمريكية التي أعلنت عن رحلات لمواراة رفات الأموات في الفضاء الخارجي، مقابل 14 ألف دولار، مفاجأة لكثير من الأثرياء في العالم، ولا حتى في الداخل، لكن الغريب أن من هم في الداخل باتوا على غرار الشركات الأمريكية وإن كان في صورة مصغرة، فهم يبحثون عن مقابر بعينها ومواقع بعينها سواء للأثرياء أو للوسطاء. يعترف أحد عمال المقابر «الذي تحفظ على ذكر اسمه» أن حال بعض أقارب الموتى يحير، فهم يحاولون أن يقربوا مقابر موتاهم في موقع معين، وإن كان داخل نفس المقبرة، الأمر الذي يحير عن تلبية طلباتهم، خاصة أن الكل أموات، ولا فرق بين هذا وذاك. ويكشف العامل أن بعضهم يصدمونه عندما يلقون على مسامعه القول: «أرجوك نريد دفنه بجوار والدنا أو والدتنا، نريد تحقيق وصيته التي دونها قبل وفاته، ونريد دفنه كذلك في لحد أو على سفح جبل»، مشيرا إلى أن هذه وغيرها بعض من عبارات الشفاعة التي يسوقها أقارب أو أهالي المتوفى إليهم أو حتى إلى المسؤولين طمعا في دفن موتاهم في أماكن مميزة على حد اعتقادهم. وعلى الرغم من تأكيد علماء الدين والدعاة على أن القبر مهما كان موقعه لا يقدم أو يؤخر وأن المقياس الحقيقي هو عمل الإنسان وماذا قدم لآخرته قبل وفاته، إلا أن ما برز مؤخرا من مطالبات يجعل الأمر مختلفا، وسط الإصرار على الدفن سواء في مقبرة الغرقد أو مقبرة السيدة خديجة أو المعلاة في العاصمة المقدسة، أو مقبرة أمنا حواء في جدة. وفيما امتد الأمر لشكل المقبرة، سواء المسطحة أو غيرها حيث برزت مطالبات بوضع كميات أكبر من الطين والتراب المبلل بالمياه، ليكون القبر باردا، اعترف مشرف مقبرة بني مالك علاء حسين أن بعض أقارب المتوفين يفاجئونهم بمطالبات غريبة الطور والشكل، خاصة أننا لا نفرق بين الأموات، فكلهم لدينا سواء، لكن البعض يصر بل يتوسط ظنا أن ذلك يغير شيئا في الأمر، لكننا لا نلتفت لهذا الأمر، ونحاول إقناعهم بأن الأمر سواء، حيث أن أحدهم طالب بدفن شقيقته بالقرب من مقبرة والده الذي توفي قبل خمسة أشهر، الأمر الذي استحال تحقيقه، فيما يفضل البعض مطالب غريبة للتحضير للمقبرة، لذا نسارع في توضيح الإجراءات لهم، على الرغم من أنهم يحاصروننا في المطالبات والوساطات على أمل تحقق ما يطلبون. ويعتبر مشرف المقبرة أن مسؤوليته تحتم عليه عدم التفريق بين الأموات في المقابر، وتطبيق الإجراءات النظامية مع الجميع، مشيرا إلى أن القبور بعد مرور عام، تفتح ليلحد الرفات داخل القبر نفسه وتوضع طبقة من التراب عليه لاستقبال الجثمان الآخر. وفيما شدد أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار على عدم التفريق مطلقا بين أسر المتوفين، وأن المقابر سواء في المعلاة أو العدل أو الشرائع هي بذات المواصفات والمساحة ولا فرق مطلقا بين قبر وآخر، نفى ذات الأمر المتحدث الإعلامي بأمانة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري، رافضا أي أثر لما يمكن أن يسمى مقابر للأثرياء في جدة، مؤكدا أنه لا يوجد فرق بين الغني والفقير في الدفن فالكل سواء تحت التراب. وأشار إلى أن الآلية المتبعة لدفن الميت تتمثل في دفنه في أقرب مقبرة له من خلال تقسيم محافظة جدة لثلاث مناطق ( شمال جدة و جنوبها ووسطها).. وجميعها جاهزة لاستقبال المتوفين: ومن الممكن أن يختار ذوو المتوفى المقبرة لدفن ميتهم، ولكن حسب الإمكانية، فقد تجد بعض المقابر مزحومة وبالتالي نعتذر عن تلبية طلبه، ولا نستطيع إلزام أهل المتوفى بمقبرة معينة حيث أن بعض ذوي المتوفين يرغبون دفن ذويهم في المقبرة التي دفن فيها ذووهم. قبر على القمر ب 14 ألف دولار أعلنت شركة «سيليسيتشن» الأمريكية أنها نقلت للفضاء الخارجي رفات مئات الأشخاص من 14 دولة خلال 11 عاما مضت، وكان أشهرهم رائد الفضاء الأمريكي جوردن كوبر، والممثل جيمس دوهان. وأشارت إلى أنها ستنظم رحلات لدفن الرفات على سطح القمر مقابل 14 ألف دولار، عن طريق صواريخ مجهزة لهذا الأمر، مقابل 14 ألف دولار «حوالى 52 ألف ريال»، زاعمة أن هذه الخطوة تحمل للأحياء فكرة رومانسية عندما ينظرون إلى السماء في ليلة مقمرة، ويفكرون في أن قبور آبائهم وأمهاتهم وأحبائهم تسبح في الفضاء «حسب مزاعمهم».