لم يكن إعلان عشائر وقبائل محافظة الأنبار العراقية الجهاد ضد وحدات الجيش المتمركزة داخل مدن المحافظة إذا لم تسلم الحكومة من أطلق النار على متظاهرين في مدينة الفلوجة أمرا مستغربا، في ظل انحراف حكومة بغداد وانحيازها لبعض الأطراف في الداخل والخارج، ما أدى إلى تفجير الأوضاع في العراق وارتفاع الأصوات الطائفية. إن السعي الصادق لبناء عراق جديد يتسع لجميع أطياف المجتمع بات أمرا ملحا، في ظل التصعيد والمواجهات الدامية التي تشهدها بلاد الرافدين، وهذا يتطلب تشكيل حكومة قادرة على النهوض بمسؤولياتها الحقيقية، بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية، وبعيدا عن الانحيازات والولاءات المشبوهة. نحن ندرك بأن العراق يصارع أخطار الحروب الأهلية منذ زمن طويل، ويواجه شبح التقسيم، وتؤكد الاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات المستمرة في عدد من المحافظات العراقية هذه الأيام على زيادة هذا الخطر، فالعنف مرشح للاستمرار، في ظل عجز الحكومة عن الاستجابة للمطالب التي تقدم بها المحتجون، وهي مطالب تدخل ضمن حق الإنسان في العيش الكريم. لا بد أن تنظر الحكومة لتلك التظاهرات وذلك التصعيد والعنف بمنظار وطني يكرس وحدة وتماسك العراق، بعيدا عن المنظار السابق الذي أدى إلى تفجير الأوضاع، وبعيدا عن المنظار السياسي الذي لا يعدو كونه مجرد شعارات، ومحض افتراءات وتراشقات طائفية لن تمنح العراق والعراقيين سوى المزيد من الضعف والتفكك وسفك الدماء.