طفت على السطح في الآونة الأخيرة ظاهرة ارتفاع المهور بشكل مبالغ فيه بين العائلات؛ وهي ناقوس خطر يهدد الشباب بالضياع والفتيات بالعنوسة. ويأتي تنامي هذه الظاهرة في ظل إصرار أهالي الفتيات على المغالاة ادعاء للتفاخر والوجاهة، واعتبارها دليلا على مكانة العائلة بين طبقات المجتمع. وتعالت الأصوات المنادية بمساعدة الشباب على الزواج من خلال المؤسسات الخيرية لتأسيس حياة زوجية كريمة بعيدة عن الترف والبذخ، يكون عنوانها البساطة والتيسير لإدخال البهجة والفرحة على قلوب الشباب والفتيات.. بالإضافة إلى توعية أهالي الفتيات للحد من هذه الظاهرة امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم «خير النساء أيسرهن مهورا». جاءت صرخة (ش. ن) لتكون مسمارا موجعا في خاصرة ظاهرة غلاء المهور حيث تقول: أنقذوني .. فحياتي لا تطاق حيث أصر والدي على تزويجي من رجل يكبرني ب38 سنة وهو متزوج ولديه أبناء، ولأنه غني اشترط والدي مهرا بلغ 75 ألف ريال، لأني أكبر أخواتي فلم يمانع، ودفع المبلغ، ولم يلتفت أبي لمعاناتي مع رجل يكبرني بهذا الفارق الكبير في السن، وأصبح أبي يطلب نفس المهر من كل من يتقدم لخطبة إحدى أخواتي دون النظر لمقدرته، ويتحجج بمساواتهن بي، فتسرب الخوف لإخواتي من فوات قطار العمر بسبب تعنت أبي وإصراره على المغالاة، كما أنه يرفض الحديث والمجادلة في هذا الأمر. هاجر الطيب تقف في وجه كل من يرفع مهر بناته، وتدعوه لتقوى الله فيهن، فهو يحرمهن من أمومتهن وفرحتهن بأطفالهن، بلا ذنب منها سوى أنها موظفة، ويخشى الأب ممن يشاركه في راتب ابنته، وينسى أن من يفوتها قطار الزواج سيتحمل ذنبها طوال حياته، ونصحت كل فتاة تتعرض لهذه المعاناة بأن تشتكيه في المحاكم لتوقف الظلم عنها وعن أخواتها مستقبلا وأن تقف بوجهه وتطلب منه حقها الذي يحبسه عنها دون خوف من الله فليس لأيام العمر عودة إن ذهبت سدى وحسرة. نوف الحربي تصف نفسها بالجوهرة، لكنها لا تريد أن تقدر بالمال بل بالاحترام والتقدير وبزوج صالح بعقله ودينه وخلقه؛ لأنها كنز -على حد تعبيرها-، وأي شي آخر يأتي تباعا فالحياة مشاركة بين اثنين بكل ما فيها من مسؤوليات، وأكدت على دورها في تخفيف الأعباء عن كاهل الرجل وتقدير وضعه وعدم تذمر الفتيات من الظروف التي تتكالب على الرجل من كل صوب وحدب. فالمساندة والتيسير هي الطريق المختصر للمحبة والوفاق والرحمة. سارة الحارثي تقول «نحن في المدينة المهر من 25 إلى 40 الف ريال وهي مناسبة ولا تعتبر غلاء كما في بعض المناطق الأخرى. إلا أن المشكلة تتمثل في وقوع الرجل في الديون من أجل اثبات أفضلية عائلته والإسراف بكل أشكاله. وبالتالي فالفتاة ليست سببا في ذلك. وأكدت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان، إن غلاء المهور يتناسب طرديا مع الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وأن مهر الفتاة لم يعط لها كمنحة بل لتشتري به ما يلزمها من احتياجات. وفي تعليق للدكتور والمستشار الأسري الأستاذ في الجامعة الإسلامية عدنان خطيري، قال: نحن نعاني من غلاء المهور كأحد أهم أسباب العنوسة، وعلى الآباء أن يعينوا أبناءهم وبناتهم على تحصين أنفسهم بعدم المغالاة في المهور، وأن يتقوا الله في الفتيات فالقضية ليست بيع وشراء بل هي ستر وحياة.