كشفت وزارة البترول والثروة المعدنية، قبل فترة ليست بالبعيدة، عن دراسة قدمتها للمجلس الاقتصادي الأعلى تتعلق بإيصال الغاز المعد للاستخدام المنزلي إلى المنازل عبر الأنابيب، ووضعت مدينة الرياض كنموذج لهذه الدراسة. وأوضح الخبر أن هذا المشروع يحظى باهتمام كبير من الجهات المعنية التي تدرس الموضوع وتبحث إمكانية تنفيذه وتقدير الميزانية التي سترصد للمشروع والمعوقات التي يواجهها. إن مد شبكة الغاز الطبيعي للمنازل حلم ينتظره الجميع بعد نجاح التجربة في عدد من البلدان الأجنبية والعربية التي تركت اسطوانات الغاز منذ زمن ليس بقريب التي أصبحت تعبيرا عن مدى الرقي الحضاري في تلك الدول في الوقت الذي ما زلنا نستخدم اسطوانات الغاز برغم مشاكلها ومخاطرها بشكل لا يتناسب مع الريادة العالمية التي تحتلها المملكة اليوم من كونها حاضنة الطاقة ورائدة الاحتياطي العالمي لها، فليس من المعقول أن تتجه بلدان من حولنا والبعيدة منا إلى توصيل الغاز للمنازل عن طريق إنشاء شبكة أنابيب حديثة وآمنة ونظل نحن على موعد متكرر في البحث عن اسطوانات غاز تشكل هما في حملها وثقل حجمها وشدة خطورتها، على الرغم من أننا من أوائل الدول المصدرة للغاز الطبيعي في العالم حيث تبين التقارير أن إنتاج السعودية من الغاز الطبيعي طبقا لمراجعة لشركة البترول البريطانية (BP) للطاقة العالمية قد بلغ 2.96 تريليون قدم مكعب في يونيو 2011م، أي بمعدل 83.94 مليار متر مكعب بمعدل يومي قدره 8.1 مليارات قدم مكعب، كما يبين التقرير ذاته أن الاحتياطي المثبت من الغاز في السعودية يبلغ 283.1 تريليون قدم مكعب ما يضعها في المركز الرابع عالميا باحتياط الغاز بعد روسيا وإيران وقطر. لقد ساهم تطبيق التجربة في عدد من البلدان المجاورة مساهمة فاعلة في الحد من الكثير من المشاكل، خصوصا في ما يتعلق باسطوانات الغاز والحرائق الناتجة عنها، ولهذا عملت العديد من البلدان على أن تكون خطوط الغاز الطبيعي للمنازل في إطار تمديد شبكة البنية التحتية مثل توصيل المياه والكهرباء والصرف الصحي والتليفونات كونها خدمة مثل باقي الخدمات التي لا بد أن تصل لمواطنيها دون تعب في الذهاب لإحضارها من أماكن التوزيع، وهناك دول كثيرة أقل منا في الإمكانيات ومستوردة للغاز سبقتنا في ذلك ومدت شبكة غازها للمنازل، فنحن في ظل ما تشهده بلادنا من نهضة في جميع المجالات ووفرة في الميزانيات بحاجة لذلك. وهي دعوة للمعنيين والقائمين على تنفيذ هذا المشروع التنموي المهم أن يتم العمل فيه وفق خطط ودراسات تحقق عوامل الأمن والسلامة وتراعي التأثيرات والعوامل البيئية، والجوانب الفنية للتوصيل، مع ضرورة تحديد الأخطار وبحث معوقات تنفيذ شبكة الغاز، من أجل تفادي بعض المخاطر الناتجة عن بعض الأخطاء الفنية التي تمت في بعض البلدان، فقد اضطرت الحكومة المصرية إلى وقف ضخ الغاز عن المناطق التي تم توصيلها بشبكة الغاز؛ نتيجة تسريب غاز أثناء الزلزال الذي ضرب مصر في التسعينيات من القرن الماضي، في الوقت الذي تتعرض اليابان لهزات زلزالية متكررة من دون أن توقف ضخ الغاز على مستفيديه، نظرا للتقنية العالية التي تستخدمها في مسألة السلامة والأمان، ما يحتم على المعنيين الاستعانة بشركات عالمية متخصصة، والاستفادة من تجارب من سبقونا في هذا المجال. إن تمديد شبكة الغاز مشروع يواكب حركة النهضة والتنمية الشاملة التي تشهدها المملكة، والتحديات المستقبلية التي بدأت بوادرها بالظهور وأهمها الزيادة السكانية التي تشهدها بلادنا وبما يحقق التنمية المستدامة، فضلا عن تميز شبكة الغاز المنزلية بتوفر أعلى درجات الأمن والسلامة بالمقارنة مع المخاطر التي قد يسببها استخدام اسطوانات الغاز التقليدية. ويرى متخصصون أن تمديد شبكة الغاز الطبيعي للمنازل بحاجة إلى بنية تحتية واستثمارات ضخمة، وإنشاؤه سوف يستغرق عدة سنوات ولهذا فهو بحاجة إلى خطة مستقبلية دقيقة وفقا لتوجه الدولة واستراتيجيات التنمية الشاملة بحيث تكون هذه الخطة ضمن التخطيط العمراني ولتكن البداية في المناطق والمساكن الجديدة في ظل المد العمراني الكبير الذي تشهده معظم مناطق المملكة بحيث يتم تمديد أنابيب الغاز ضمن خدمات البنية التحتية من خطوط كهرباء ومياه وصرف صحي.. حتى تكون جاهزة للتشغيل في أي وقت مع الوضع في الاعتبار عوامل السلامة والأمان. ودمتم سالمين. [email protected]