لم يتبق سوى يومين على إجراء الانتخابات الإسرائيلية العامة، لانتخاب أعضاء البرلمان الإسرائيلي «الكنيست»، والتي على ضوء نتائجها يتبين من سيكون رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة، ولعل الشعب الفلسطيني هو أكثر من يتأثر بما قد تفرزه الانتخابات من ائتلاف حكومي، تشير كل استطلاعات الرأي في إسرائيل أن اليمين المتشدد هو الذي سيحكم من جديد، وأن فوز نتنياهو برئاسة هذا الائتلاف الأكثر يمينية وتشددا هو أمر شبه مؤكد. الفلسطينيون .. ومعاناة الانتخابات الإسرائيلية الائتلاف الإسرائيلي المتوقع سيكون أكثر تشددا؛ لأنه قد يضم أحزابا سياسية وقيادات يمينية أكثر يمينية من نتنياهو نفسه؛ مثل نفتالي بينيت زعيم حزب «البيت اليهودي»، وغيره من قيادات يمينية، كما أنه من المتوقع أن يضم أقطابا من اليمين المتطرف والجماعات الدينية المتشددة، وبعضهم يطالب بترحيل الفلسطينيين من الضفة، وبعضهم يطالب بإحياء فكرة الأردن كوطن بديل، وآخرون يطالبون بالتخلص من الرئيس عباس ولو جسديا، كما هو الحال مع ليبرمان الذي يشكل حزبه «إسرائيل بيتنا» كتلة واحدة مع الليكود، هذا فضلا عن سياسات نتنياهو في فترة حكمه التي دمرت إمكان تطبيق حل الدولتين، ومواصلة سياسات الاستيطان، والتي كان آخرها المشروع الاستيطاني الكبير في منطقة (إي 1)، والذي يعني فصل الضفة الغربية عن القدس، وشطب إمكانية قيام الدولة الفلسطينية. والسؤال المطروح هو: كيف سيتعامل الفلسطينيون مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وبأي الخيارات والآليات؟ قد يذهب البعض إلى القول إننا تعاملنا مع الائتلاف الحكومي نفسه برئاسة نتنياهو على مدار السنوات الأربع الماضية، ومع ذلك حصلنا على دولة فلسطينية بصفة مراقب في الأممالمتحدة، ويمكن المضي قدما في هذا الطريق طريق الشرعية الدولية والحصول على عضوية فلسطين كاملة في العديد من المنظمات الدولية الوظيفية، بل وأكثر من ذلك الذهاب إلى المحكمة الدولية ومقاضاة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني من انتهاكات لحقوقه الأساسية التي أقرتها الأممالمتحدة في تقرير مصيره على أرضه، ومقاضاتها بسبب سياسات الاستيطان على الأرض الفلسطينية، وتجويع شعب بكامله من جراء حجب الأموال الفلسطينية لديها. وفي ظل ما هو متوقع من نتائج الانتخابات الإسرائيلية، لعل من أهم الخيارات التي على الفلسطينيين تفعيلها هي المقاومة الشعبية السلمية، مثلما حدث قبل أيام من إقامة قرية «باب الشمس» على الأرض التي ستصادرها إسرائيل وتقيم عليها التوسع الاستيطاني شرقي القدسالمحتلة، بالإضافة إلى خروج الفلسطينيين من حالة الانقسام وإنجاز المصالحة في أسرع وقت؛ لأن المستفيد الوحيد من الانقسام هو دولة الاحتلال. ولا شك في أن الحكومة الإسرائيلية القادمة برئاسة نتنياهو ستحاول أن تفرض على الفلسطينيين مسارات تحركهم السياسي، فمن غير المقبول الدوران في حلقة مفرغة، لا بد من العمل على تغيير الأوضاع على أرض الواقع، وليس الاكتفاء برفض سياسات إسرائيل، بل يحتاج الأمر إلى خيارات واقعية وقابلة للتطبيق، وتوسيع دائرة الاختيار، ومحاولة ربط ما تقوم به إسرائيل من نسف لعملية السلام، بمعنى ماذا نريد في هذه المرحلة، هل نريد دولة فلسطينية في حدود 1967 أو نريد كل فلسطين؟، وثانيا أن نحدد الآليات والوسائل، هل بالمقاومة المسلحة أو بالمقاومة المدنية أو بالاثنتين معا؟ وهل خيار التفاوض لم يعد قائماً بين الخيارات الفلسطينية؟ .. كل هذه التساؤلات مرهونة الإجابة بنتائج الانتخابات الإسرائيلية.