أكد الدكتور نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض العلاقات الدولية بالحركة، على أن القيادة الفلسطينية تؤمن بأن المفاوضات مع إسرائيل يجب أن تنطلق وفق مرجعية حل الدولتين، بيد أنه قال: «إن الفلسطينيين ليسوا أغبياء ولن يتفاوضوا مع دولة لا تحترم تعهداتها والتزاماتها». وقال شعث في حوار مع «عكاظ» إن فلسطين تتصرف الآن على أساس أنها دولة مستقلة بعد أن حصلت على وضع دولة مراقب في منظمة الأممالمتحدة، مؤكدا على أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم المشروعة. وعبر عن تفاؤله بقرب تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني. وثمن الدعم المالي السعودي للشعب الفلسطيني، مؤكد أن الدعم السعودي حافظ على بقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان المجتمع الدولي. وفيما يلي نص الحوار: بعث احتفال حركة فتح الحاشد في غزة عدة رسائل دحضت المزاعم الإسرائيلية بأن القيادة الفلسطينية لا تمثل الشعب الفلسطيني، فإلي أي مدى ترون أن هذه الرسائل حققت أهدافها ؟ الرسالة الأولى التي بعثها مهرجان فتح في غزة كانت للإسرائيليين، وأكدت لهم أن غزة في قلب الحدث بالوطن الفلسطيني وصامدة رغم العدوان، ولا يمكن لإسرائيل أن تفصلها عن الجسم الفلسطيني مهما حدث. والرسالة الثانية للأمريكيين الذين كانوا يقولون مثل الإسرائيليين أن هناك جزءا كبيرا من الشعب الفلسطيني لا يخضع لسلطة الرئيس محمود عباس. لكننا نقول لهم اليوم لا، فقد خرج أهل غزة ليقولوا نحن مع الرئيس عباس ومع الشرعية الفلسطينية. أما الرسالة الثالثة فهي لأمتنا العربية، حيث تقول إنه لم يحصل في جميع ثورات الربيع العربي أن خرجت مليونية تمثل 65 % من الشعب، ففي مصر عندما تنزل مليونية فإنها تمثل 1 % من الشعب التي يزيد تعداد سكانه على ال 90 مليون نسمة. وعندما تنزل مليونية في غزة، وهناك كثير من التقديرات تقول إنها كانت حوالي مليون و200 ألف نسمة فهذا يعني أن أكثر من 70 % من الشعب خرج ليقول أن الشعب الفلسطيني موحد وراء قيادته. والرسالة الرابعة والأخيرة داخلية وتؤكد أنه لا يمكن لفصيل واحد أن يمثل الشعب الفلسطيني في أية منطقة. وأنه لا بد من الشراكة السياسية ولا بد من الوحدة الوطنية ولا لاستفراد أي طرف بالقرار الفلسطيني والتمثيل الفلسطيني وأن الشعب خرج ليصوت للمصالحة وللوحدة وللشرعية ولحركة فتح ولتاريخ النضال الوطني الفلسطيني. أدت المواقف الإيجابية بين حركتي فتح وحماس خاصة بعد احتفال غزة إلى التقارب بين الحركتين من أجل السعي لتحقيق المصالحة الفلسطينية، فهل سنشهد فعلا تحقيق المصالحة خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة ؟ أنا متفائل جدا بالمصالحة الفلسطينية، وهذا دين علينا يجب أن نوفي به لشعبنا، وأعتقد أن المناخ بات الآن أفضل مما كان في السابق في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية؛ لأن ما جرى في غزة أرسل رسالة واضحة للجميع مفادها أن استمرار الوضع والنهج السابق أمر غير ممكن، وأنه لا خيار غير المصالحة. وقد جاءت دعوة الرئيس المصري مرسي للرئيس محمود عباس وخالد مشعل للقاء بهما في القاهرة. ومن المؤكد أن الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية ستكون حاضرة بقوة هذه المرة، وأنه لا داع لإجراء محادثات جديدة حول المصالحة وإنهاء الانقسام. وكل ما هو مطلوب تنفيذ اتفاق القاهرة وتطبيق إعلان الدوحة. ونحن في حركة فتح نؤكد أن عباس سيجدد التأكيد على أن القيادة الفلسطينية جادة في المصالحة وتريد تطبيق ما تم الاتفاق عليه. وليس لدينا أي جديد نضيفه سوى أن نمضي قدما في ما اتفقنا وتوافقنا عليه في اللقاءات السابقة. وأن الشروع في التنفيذ يجب أن يتم فورا في ظل هذه الظروف الإيجابية التي أعقبت الانتصار والصمود في غزة أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وكذلك الانتصار الذي حققته القيادة الفلسطينية في نيويورك بقبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأممالمتحدة. رفضت إسرائيل قرارات عباس بترسيم اسم (دولة فلسطين) في المراسلات الرسمية وإصدار جوازات سفر وبطاقات هوية. فما تعليقكم ؟ لا يمكن لأحد أن يقبل من إسرائيل أية دعوة تتعلق بعملية السلام. فهي كاذبة ومعتدية ومحتلة لأراضينا. ولم تتوقف لحظة واحدة عن تدمير عملية السلام والتراجع عن تنفيذ أي من الاتفاقيات التي وقعتها أو الالتزامات التي الزمتها بها الشرعية الدولية. وتأتي القرارات والمراسم التي أصدرها الرئيس أبو مازن طبقا لحصول فلسطين على وضع دولة في الأممالمتحدة ولو بصفة مراقب. وتدخل في إطار السيادة الفلسطينية رغم وقوعنا تحت الاحتلال، آخذين بعين الاعتبار العراقيل الإسرائيلية التي قد تنشأ على الأرض. ولذلك نحن لسنا بصدد قبول الادعاءات الإسرائيلية في هذا المجال. وندرك أن إسرائيل تستطيع أن تمنع أي شخص فلسطيني من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية أو الخروج منها بأي داع. وهناك أشياء كثيرة لا تستدعي إطلاقا القبول الإسرائيلي. فكل شيء أصبح يمر الآن من خلال علاقتنا بالعالم أو من خلال علاقاتنا مع شعبنا. وسنتصرف على أساس أننا دولة فلسطينية مستقلة، يمكن أن تصدر جوازات سفر دون الموافقة الإسرائيلية. وليست لدينا مشكلة مع العالم الذي يعترف بالجواز الفلسطيني. ولدينا وسائل عديدة لتجاوز كل المحاولات الإسرائيلية لحرماننا من حقوقنا. تشهد المنطقة تحركات سياسية تشمل عودة المبعوث الأمريكي للسلام. ومن المتوقع أن تدعو إدارة الرئيس أوباما في ولايته الثانية لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .. فهل أنتم مستعدون للعودة لمفاوضات السلام ؟ من حيث المبدأ لا ترفض القيادة الفلسطينية المفاوضات، المسألة الأساسية هي ما هو إطار المفاوضات التي ينبغي أن تستأنف. فهناك مستجدات ينبغي أخذها بعين الاعتبار وأبرزها أن فلسطين الآن أصبحت دولة مراقب في الأممالمتحدة. وما يهمنا هو الإطار الذي تجري فيه المفاوضات والسقف الزمني ومرجعية حل الدولتين وحدود عام 1967. ومطالبنا معروفة فيجب أولا وقف الاستيطان. ونحن لسنا أغبياء ولن نتفاوض مع دولة لا تحترم التزاماتها ولا تعهداتها ولا تنفذ شيئا مما نتفق عليه، ودولة لا تعترف بحدود المرجعية التي على أساسها نتفاوض. ونقبل الدعوة من أمريكا بصفتها الراعية والشاهدة والضامنة لعملية السلام، لكنها واللجنة الرباعية لم تقدمان شيئا على مدار السنوات الماضية، إذ يجب أن تجبر الولاياتالمتحدة إسرائيل على الالتزام بما وقعت عليه. تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من أزمة مالية خانقة جراء منع إسرائيل تحويل أموال الضرائب والجمارك وتوقف الدعم الأمريكي وتراجع الدعم العربي، فهل تعتقدون أن ذلك يأتي في إطار الضغط على القيادة الفلسطينية ؟ وكيف المخرج ؟ لا شك أن ما يحدث من وقف الدعم للسلطة الفلسطينية يأتي من أجل الضغط على القيادة الفلسطينية وحصار اقتصادي على شعبنا وتصد لحقنا في الدولة الفلسطينية المستقلة. والحل عند أشقائنا العرب وليس هناك حل آخر، لأن إسرائيل تمارس القرصنة وسرقة أموالنا عقابا لنا على دخولنا الأممالمتحدة ومن أجل الضغط علينا. والولايات المتحد تضع شروطا لدعمنا وتحاول الضغط على الدول الأوروبية غير أن المواقف الأوروبية ترفض ذلك ونحن نشكرها على مواقفها الداعمة وإن كانت بالحد الأدنى، ونحن نؤكد أننا لن نتراجع عن حقوقنا وعن الإعلان عن دولتنا وعن مطالبتنا بوقف الاستيطان ولن نقبل الابتزاز بالمال، ونقول للجميع سنضحي بالمال، لكن لن نضحي بمبادئنا. وحل مشكلتنا المالية عند أشقائنا العرب، ونحن متأكدون أنهم لن يقبلوا أن نموت جوعا، إذا الحل الوحيد بالدعم العربي والالتزام العربي وبتنفيذه، وأذكر، الفضل دائما للمملكة التي تلتزم بتسديد حصتها المقررة لدعم السلطة والشعب الفلسطيني، ولا أنسى أنه بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 دعا الملك عبدالله الذي كان وقتها وليا للعهد إلى قمة عربية في القاهرة، واقترح توفير مليار دولار كانت تكفي في حينه احتياجات السلطة الوطنية لعام كامل. ووقتها دفعت المملكة نصف هذا المبلغ وقامت بتحصيل النصف الآخر من باقي الدول العربية من أجل دعم صمود السلطة الفلسطينية، والدعم السعودي حافظ على بقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان المجتمع الدولي.