قد يكتب الأكاديمي كتابا لتعريف مصطلح «العادات والتقاليد»؛ لهذا من الصعب أن يختزل التعريف بمقال أو بجملة واحدة، ومع هذا يمكن القول: هو سلوك كان يمارسه بعض أفراد المجتمع لأسباب واضحة لهم ومفهومة، ثم ومع الوقت وتعاقب الأجيال أصبح أفراد المجتمع يمارسونه دون أن يفكروا به، وما عادوا يسألون أنفسهم «لماذا نفعل هذا، وهل ما نفعله صواب، والأهم هل هو ضد مبادئنا؟» خذوا على سبيل المثال «الواسطة» التي أصبحت ضمن عاداتنا، ونفعلها في أحايين كثيرة من خلال فعل الخير والمساعدة، أو بسبب حبنا للآخر القريب أو الصديق، بمعنى أنها لا تتصادم مع مبادئنا أو ضمائرنا. ولكن هل من الممكن أن نحضر هذه العادة من «لا وعينا» إذ نمارسها دون تفكير إلى الوعي لنتفحصها لمعرفة ما الذي تعنيه، وهل تتصادم مع المبادئ؟ الواسطة باختصار وبوعي هي: أن تبيح السرقة أو تبيح اضطهاد الفرد وحرمانه حقوقه، كيف؟ حين يكون لإنسان حق ما في مؤسسة ما، ولا يستطيع الحصول عليه بسبب تسويف أو تقاعس الموظف، ويبحث عن واسطة ليأخذ حقه، فذاك الموظف ودون وعي منه يبيح اضطهاد الفرد ويحرمه حقوقه، فيما لو سألته على مستوى الوعي هل تحب اضطهاد الإنسان وهضم حقوقه، سيقول لك وبصدق: إني أخاف الله. كذلك حين يتقدم شخصان لوظيفة ما، ويكون أحدهما على المستوى المهني أفضل من الآخر، فيبحث هذا الآخر عن موظف تربطه قرابة أو صداقة، ليتوسط له، كي يتم تعيينه بدل الآخر، بعبارة أوضح «تتم سرقة الوظيفة». هذا الموظف الذي أباح السرقة «الواسطة» على مستوى اللا وعي، سيقول كالآخر على مستوى الوعي: لا أسرق لأني أخاف الله. خلاصة القول: إن غالبية أفراد المجتمعات ينزعون للخير ويحبون فعل الخير، والمقال يحاول جلب «الواسطة» هذه العادة التي تمارس بلا وعي إلى الوعي لنمررها على مبادئنا وضمائرنا، حتى يراها بوضوح. صحيح أنه لا يوجد مجتمع ملائكي، وهناك من سيسرق دائما، ولكن يفعل هذا بالخفاء لأن قيم المجتمع ترفضه، فيما يمارس الواسطة بالعلن لأن المجتمع ما زال وبسبب العادات والتقاليد يضع «الواسطة» في قائمة فعل الخير، وليس فعلا ترفضه القيم والمبادئ كالسرقة. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة