لطالما كانت الجامعات والمدارس هي المصدر الرئيس لتموين القنوات الفنية في كل بلد لوصول المواهب إلى تحقيق أهدافهم وبلوغ مطامحهم التي تصل في الغالب إلى النجومية المسرحية، ومن ثم الانطلاق من «أبو الفنون» إلى كل شعب الفنون، وبدورها كانت عمادة شؤون الطلاب في جامعة الملك عبدالعزيز في بداية الثمانينيات الميلادية تعج بالنشاط المسرحي وبالأسماء من المواهب المسرحية في تلك الفترة تلك الأسماء التي تسنمت الكثير من المناصب في مجالات عدة أو أنها واصلت العمل في مجال استفادت فيه من تجاربها على المسرح، ومن أبرز تلك المجالات كان الإعلام بضروبه المختلفة، والذي استقطب عددا جيدا من تلك الأسماء في مجال المسرح، مثل محمد أحمد سلام الذي يشغل حاليا مدير قناة «إقرأ»، علي دعبوش الذي رأس النشاط المسرحي في فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة طويلا، جبريل أبو دية المذيع في التلفزيون المحلي اليوم، عبدالوهاب بغدادي، عمر الجاسر، وليد برهان، وغازي أبو كلاب.. كان ذلك في العام 1984، وقبل وبعد ذلك قليلا عندما كان الدكتور عبدالمحسن القحطاني عميدا لشؤون الطلاب.. في تلك الفترة قدم أولئك الموهوبون الكثير من الأعمال المسرحية المتنوعة من أعمال عالمية معربة وأعمال مسرحية محلية تناوب على إعدادها وكتابتها كثيرون، مثل هاني مدني، والدكتور الراحل طلال شقدار، وغيرهما، كما كان المسرحي عبدالله باحطاب من الأسماء التي تميزت في مسرح الجامعة، ثم تنقل في العمل في هذا النشاط بين جمعية الثقافة والفنون التي ادار فرعها في جدة وشهدت حقبة إدارته الكثير من المشاركات المسرحية للجمعية في مهرجانات خارج المملكة، ثم عاد إلى مسرح الجامعة، حيث يواصل نشاطه المسرحي اليوم مع عميد شؤون الطلاب في الجامعة اليوم الدكتور أيمن فاضل. كذلك الحال كان في نفس المرحلة بداية الثمانينيات في جامعة الملك سعود في الرياض، حيث كان النشاط المسرحي الجامعي ملفتا، وقدم لنا الثنائي الأهم في ساحة الدراما المحلية منذ ثلاثين عاما ناصر القصبي وعبدالله السدحان... وغيرهما، مثل الدكتور راشد الشمراني، عبدالإله السناني، ويوسف الجراح، وكانت هذه المجموعة هي الأكثر تأثيرا على الحياة المسرحية في الرياض تحديدا، مع عامر الحمود ومن بعد ذلك عبدالخالق الغانم وغيرهما من المخرجين، بل ونقلت هذه المواهب المسرحية في تلك الفترة جمالها وعملها إلى التلفزيون، حيث صنعت هذه الكتيبة نجومية وبريقا كبيرا لدراما ومسلسلات التلفزيون. السؤال المطروح اليوم: أين مثل هذه الأسماء التي كانت «مفرخة» الموهوبين في هاتين الجهتين تفرزهم وتقدمهم لساحة الفن والمسرح تحديدا ومن ثم التلفزيون.. هنا تحدث إلينا بعض ذوي الاختصاص، منهم: عبدالله باحطاب مدير الأندية الطلابية في جامعة الملك عبدالعزيز الذي يقول: المواهب المسرحية في بلادنا لا ينضب معينها.. قم بزيارة اليوم إلى الجامعة والتقِ بمثل هذه المواهب في النشاط الطلابي، وسترى إلى أي مدى تتوافر هذه المواهب في النشاط المسرحي، إلا أن المنتجين والمنظمين للمناسبات المسرحية في الأعياد وغيرها من المناسبات لا يلتفتون إليهم وإلى المنابع الأساسية التي تأتي بمواهب دارسة وفطرية في نفس الوقت لاكتفاء معظمهم بأصحاب الموهبة الفطرية من خارج هذه الجهات. ويقول علي دعبوش المسرحي ورئيس لجنة المسرح في جمعية الثقافة والفنون سابقا: دعني أقول لك (للتاريخ) إن النشاط المسرحي في الجمعية شهد نشاطا جميلا منذ التأسيس، وكان أساتذة كبار تعاقبوا على إدارته أو الإشراف عليه، مثل: فؤاد بخش، والراحلين حمدان صدقة، محمد رجب، عبدالإله العوضي، وحمدان شلبي.