لا نطمح إلى مساواة مبدعينا من الأدباء والمفكرين والمثقفين الحقيقيين بأمثالهم في الدول الغربية أو حتى بعض الدول العربية من حيث التقدير والاحتفاء والاعتزاز بهم كرموز وطنية، ولا نطالب معاملتهم كما يعامل المبدع الفرنسي الذي يكون في أول قائمة المدعوين إلى قصر الأليزيه في زيارات الدولة والمناسبات الكبرى، أو المبدع الأمريكي الذي يكون في مقدمة الحضور لكثير من مناسبات البيت الأبيض، ولا نتطلع حتى إلى حصولهم على ما يحصل عليه بعض المبدعين العرب من اهتمام كبير ورعاية خاصة، فمثل هذا كثير علينا الآن، ولن يتحقق مع سلم أولوياتنا المرتبك والمقلوب، وبالتالي فإن غاية أملنا أن لا يغرق مبدعونا في بحيرة النسيان والتجاهل والإهمال، وأن لا نزيد من شعورهم بالإحباط والخيبة والمرارة، نريد فقط أن نشعرهم بأنهم موجودون، وأن هناك من يعي أهمية ما قدموه للإنسانية، نريد على الأقل أن يشعروا أن وطنهم لم يصل إلى حد الجحود التام لهم.. وكمثال، فقد رحل الشاعر الفذ محمد الثبيتي بعد قصة مأساوية مع المرض والموت عانى وعانت أسرته خلالها ما يخجل الإنسان من ذكره، وبعد رحيله لم يتذكر أحد تأريخه سوى بجائزة تبناها أحد الأندية الأدبية. والآن بيننا مبدعون حصلوا على جوائز عالمية، وانتشرت أعمالهم في الأوطان العربية والأجنبية، وكرمتهم مؤسسات ثقافية خارجية، بينما لم يقدم لهم وطنهم سوى جرعات مكثفة من العقوق.. مؤخرا وصلت رواية القندس للروائي السعودي الشاب محمد حسن علوان إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية، وقبله فازت بها مناصفة الروائية رجاء عالم، وقبلهما فاز بها الروائي الكبير عبده خال، أي أن ثلاثة نماذج إبداعية سعودية زاحمت على الجائزة خلال فترة قصيرة، وفاز بها اثنان ونتمنى للثالث الفوز. ولو حدث هذا في دولة عربية أخرى لتحولوا إلى رموز وطنية تحظى بما يليق بها من حفاوة وتقدير. خبر وصول رواية محمد علوان للقائمة القصيرة نشرته بعض الصحف السعودية باقتضاب شديد لا يليق بالحدث. رجاء عالم لا ندري أين هي ربما بسبب شعورها بالإحباط مما تلاقيه في وطنها من إهمال. أما عبده خال فلولا عموده في صحيفة عكاظ لربما لم تعد تتذكره وتعرف قيمته إلا النخبة من المهتمين بالأدب والثقافة.. إن ما يحدث لرموزنا الفكرية المبدعة في وطنهم عيب كبير، وظلم فادح يجب أن تبادر الجهات المعنية إلى تداركه حتى لا يلومنا التأريخ.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة