في كل دورة خليج لنا موعد إلزامي مع البرامج ذاتها التي تفرض على الجماهير قسرا الأسماء والخبراء ذاتها لتحليلها وتقييمها، وفي كل مرة نسمع الأسطوانة ذاتها (هي بطولة التصريحات والتي لا تخضع للمعايير ولا تدين للأمور الفنية) وهو الكلام ذاته المضحك المبكي والذي يستغفل العقول ويصادر المنطق. ولعل العجيب في الأمر أننا بتنا نسمع الكلام ذاته من الجميع لاعبين إداريين ومسؤولين وجماهير وهو الدليل على حجم تأثير هؤلاء على عقول الشارع الخليجي، وبرغم أنهم وبكلامهم هذا وكأنهم يقولون للاعبي المنتخبات الخليجية لعبتم أم لم تلعبوا اجتهدتم أم لم تفعلوا فلا تتعبوا أنفسكم فاللقب لصاحب الحظ. كلام فارغ نسمعه كل سنتين تطل علينا فيها كأس الخليج ومن الأشخاص ذاتهم والسحن ذاتها؛ ففي العالم كله يعترفون بالفوارق الفنية داخل الملاعب وبين اللاعبين لاستشفاف نتائج المباريات وتوقع الأبطال إلا لدينا فهم يتفقون أن بطولة الخليج لا تحسم إلا بما يدور خارج الملعب فأي منطق كروي يساق للمتابع. نتفق على أن كرة القدم علم غير صحيح ليس من الضروري أن ينتصر فيها الأفضل ولكن ليس لدرجة التسليم لمروجي الدجل الرياضي وتحت بند (الخبرات) الذين باتوا يعيثون فسادا في رؤوس لاعبي الخليج من أقصاه إلى أقصاه لدرجة أنك لو سألت أحدهم الآن عن عزمه ومدى تفائله لاكتفي ب (دعواتكم!) هي طموحنا وليست طموحنا، مهمة وليست مهمة، تخضع فنيا ولا تخضع فنيا؛ كل هذا هراء وعلى لاعبينا أن يعلموا أنهم مطالبون بأي بطولة تدور رحاها داخل القارة رسمية كانت أم ودية معترفا بها أم لا أب لها، بل وعليهم أن يعلموا أن خسارتهم لها لا تحتمل في نظر الجميع جماهير وإعلاما إلا أن تكون فضيحة. لست أنتقص من قيمة المنتخبات الخليجية مقارنة بمنتخبنا فما قلته يندرج عليها وعلى لاعبيها أيضا وما عنيته هو أنه إن لم تكن بطولة الخليج في متناول جميع منتخباتها وقادرة على انتزاعها عطفا على القيمة الفنية العادية للمنتخبات المشاركة فمتى تتوج تلك المنتخبات إذا (بكأس آسيا أم الأولمبياد أم العالم). أيها المخترعون في مجالس التحليل الخليجي، سهلة هي كرة القدم ولكنكم صنعتم منها الكيمياء والانشطار الذري فإن لم تكونوا قادرين على ابتكار المعقول المفيد فليس عيبا أن تأخذوا ممن تجاوزونا ولكن العيب أن تسوقوا لمفاهيم أشك أن أحدكم مقتنعا بها والضحية لاعب يسمع هناك ومشاهد يعتقد أنه يستفيد هنا.