تعتبر موازنة 2013م الموازنة العامة الأعلى في تاريخ المملكة أداة رئيسية في تنمية وتطوير العنصر البشري، انطلاقا من مبدأ « الإنسان أداة وغاية في عملية التنمية» بما يعنيه من تنمية وتطوير العنصر البشري وزيادة توظيفه، فرفع مستوى معيشة المواطن، وتحسين مستوى دخله والخدمات المقدمة للمجتمع يمثل لب القضية الاستراتيجية للمملكة، وجوهر السعي إلى تحقيق الكفاءة في توزيع ثمرات النمو والتنمية لتصل المواطن أينما كانت. ومن الركائز الرئيسية للموازنة العامة توسيع وتطوير مشاريع البنية التحتية للاقتصاد السعودي، وتنويع مصادر الدخل، وبناء الاحتياطيات، بما يكفل استدامة التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سلعة واحدة كمصدر للدخل، والاستمرار في مواصلة تطوير هيكل الاقتصاد السعودي، وتحقيق زيادات ملموسة في مساهمة القطاعات غير النفطية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الفرص الوظيفية. ورفع القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني وللمنتجات الوطنية. في هذا الصدد سعت «عكاظ» إلى تسليط الضوء على بعض الملامح المتعلقة بإعلان الموازنة الأضخم في مسيرة المملكة، منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن. قدرت إيردات الموازنة المقبلة بنحو 829 مليار ريال بينما المصروفات 820 مليار ريال بفائض لا يتجاوز تسعة مليارات. عكاظ: كيف تواصل الدولة مسلسل تحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطن مع تسجيل الأرقام الفلكية في الموازنة العامة. هادي الدوسري : القراءة التحليلية للميزانية العامة الجديدة للمملكة للعام المالي 1434 1435 (2013) تعطي انطباعات إيجابية لمستقبل التنمية التي تسير عليها المملكة في ظل التوجهات القائمة على التركيز على تنمية وتطوير العنصر البشري، فالخطط التي وضعتها الدولة في سبيل الارتقاء بالموارد البشرية ستعطي ثمارها، وتحقق المزيد من التنمية المستدامة، ما يعزز من مكانة المملكة على المستوى الإقليمي والدولي، فالاقتصاد السعودي يمثل عنصرا حيويا في عملية تحقيق الرفاه الاجتماعي. عبد العزيز الجودي : إن عملية رفع المستوى المعيشي للمواطن مرتبط بعمليات توسيع النشاطات الاقتصادية، وتنويع مصادر الاستثمار، وكذلك استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، فضلا عن التوسع في عمليات التعليم والتدريب و تخصيص المبالغ اللازمة للشروع في خلق الفرص الاستثمارية اللازمة للشباب السعودي، فعملية تحسين مستوى الدخل عامل أساسي في رفع مستوى المعيشة، فالجهات الحكومية مطالبة بإيجاد قنوات عديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة التي تقف حاليا في طابور البطالة بانتظار الحصول على فرص وظيفية للمساهمة في عملية التنمية المستدامة، ولذا نجد وزارة العمل تبتكر العديد من البرامج التي تستهدف توفير فرص عمل للمواطنين في مختلف المجالات. عبد الله الشهراني: إن عملية تحقيق الرفاه الاجتماعي، ورفع مستوى المعيشة مرتبطان ارتباطا وثيقا بمستوى الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، فالارتقاء بالخدمات الصحية، وتطوير المناهج الدراسية لتواكب أدوات العصر خطوات هامة في سبيل الوصول إلى رفع مستوى المعيشة للفرد، فالخدمات الصحية المقدمة في المراكز الصحية ما تزال دون المستوى المطلوب، ما يستدعي وضع خطط تساعد على إنقاذ الموقف، ومحاولة انتشال القطاع من الوضع الراهن، فالمخصصات السنوية التي ترصدها الميزانية للقطاع الصحي عامل رئيسي في إحداث قفزة نوعية في الجانب الصحي، بيد أن الوضع على الأرض مغاير تماما، ما يستدعي وضع خطط أخرى، ولعل أبرزها إقرار التأمين الطبي الصحي للمواطنين. د. تيسير الخنيزي: إن مواجهة البطالة من خلال صرف جزء من الموزانة على القطاع الخاص بات مطلبا ملحا، بهدف تأهيل طالبي العمل، وتوجيه النظام التعليمي و معاهد التدريب لتوفير المطلوب في السوق، إذ من شأن إنفاق جزء من الموازنة على تقديم الحوافز للقطاع الخاص ضخ كوادر وطنية تتوافق مع متطلبات السوق. فالنمو السكاني المرتفع يمثل تحديا كبيرا على مشاريع الدولة في المرحلة المقبلة، وبالتالي فإن المراهنة على القناعة الذاتية لدى المواطن تبقى قائمة، خصوصا في ظل زيادة التعقيدات الحالية، و بروز حالة التشاؤم لدى أصحاب الدخل المحدود، لاسيما في ظل تزايد أعداد البطالة، وانخفاض الخدمات التي تقدمها الدولة وارتفاعها لدى القطاع الخاص، الأمر الذي يزيد من العبء على المواطن، ما يرسخ القناعة بضرورة الحد من الإنجاب في المستقبل. عكاظ: ما هي الآليات المناسبة للارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن؟ تني الدوسري : الخطوات التي عمدت الدولة للسير قدما فيها منذ سنوات طويلة، والمتمثلة في خفض الدين العام تمثل عنصرا مثاليا في عملية التحرك السليم للارتقاء بالمستوى المعيشي، فالديون تتمثل في عرقلة خطط الدولة في وضع البرامج اللازمة للتقدم بقوة نحو تحقيق مزيد من الرفاه، وعلى الرغم من كون الدين العام وصل في مرحلة من المراحل لأكثر من 600 مليار ريال، بيد أن الدولة سعت للتركيز على تقديم الخدمات، وتخصيص الكثير من الموارد المالية. المملكة استمرت فى نهجها الذى بدأته مع بداية التحسن المالي عام 2003م في خفض حجم دينها العام بشكل كبير، حيث يتوقع أن ينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي 1433 1434 (2012م) إلى 98.8مليار ريال ويمثل 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1433 1434 (2012م)، مقارنة بمبلغ (135.5) مليار ريال بنهاية العام المالي الماضي 1432 1433 (2011م). عبد الرحمن الشهراني : الموازنة ركزت على مسألة «إعطاء الأولوية للخدمات التي تمس المواطن السعودي بشكل مباشر»، حيث تم إعداد الموزانة بمراعاة استثمار الموارد المالية المتاحة بشكل أمثل يحقق متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة للمملكة، وأن تكون الأولوية للخدمات التي تمس المواطن السعودي بشكل مباشر، كالخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق، وكافة مشروعات البنية الأساسية، ونشر الجهد التنموي وثماره بين مختلف مناطق المملكة، لضمان استمرار التنمية المتوازنة، وعدم التركيز على تنمية منطقة دون أخرى، بما يسهم في زيادة التقارب بين مستوياتها التنموية. والعمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي، ومكافحة التضخم، وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين، وتشجيع الاستثمار..ويتضح من موزانة الدولة التوجهات المستقبلية لحكومة المملكة لإدارة الاقتصاد الوطني فى مواصلة الإسراع باتمام البرامج والمشاريع التنموية، وخصوصا تلك التي تسعى إلى توفير الخدمات الضرورية وتيسيرها للمواطنين، وتمكين مؤسسات الدولة وهيئاتها من أداء الدور المنوط بها تجاه المواطنين على النحو الأفضل والأكمل. عبد العزيز الجودي: مؤشرات الإنفاق بموازنة العام المالي الجديد (2013م) جاءت تأكيدا لاستمرار الالتزام بالتوجيهات السامية بتسريع خطى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وترسيخ مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بنوعية حياتهم، واستمرار العناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع.. وتبعث الموزانة رسالة واضحة للمستثمرين فى القطاع الخاص مفادها أن المملكة ملتزمة بمواصلة برنامجها الإنفاقي التحفيزي، ومعلنة عن العديد من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات. عبد الله الشهراني: حملت الموازنة العامة للعام المالي 1434 1435 ه، في طياتها إشارات عديدة عن مدى اهتمام القيادة السياسية بالتنمية في مجالاتها كافة، واعتزامها دعم تعافي اقتصاد المملكة فى كافة مجالاته، ورغبتها فى تعزيز الإنفاق على البنية التحتية لدعم مسيرتها الاقتصادية الناجحة؛ وذلك لإدراكها الواعي بأن انطلاقة الاقتصاد وتطوير المشاريع واستقطاب الاستثمارات الخارجية يتوقف على مدى إمكانية وحجم البنية التحتية للدولة. وبالنسبة للدين العام، فالبعض يرى أن الدين في حد ذاته أمر سيئ، ويجب التخلص منه، ولكن الديون الضخمة فقط هي التي تعتبر بالتأكيد أمرا سيئا. عكاظ: ما هي أبرز التحديات التي تواجه الدولة؟ تني الدوسري: على الرغم من زيادة دور القطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني خاصة دور القطاع الخاص، إلا أن القطاع النفطي لا يزال هو المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني، حيث يساهم بمعظم إيرادات المملكة والمتحصلة في ميزان المدفوعات، كما أن السياسة النقدية التي تنتهجها الدولة سياسة متوازنة لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، ساعدت في توفير الحيز المالي الملائم لاتخاذ إجراءات قوية في مواجهة آثار الأزمات المالية العالمية المتلاحقة، وحافظت على متانة وسلامة القطاع المصرفي. عبد الرحمن الشهراني: الموزانة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2013 م عكست تواصلا للمسيرة اقتصادية متنامية، وحرصا على تكثيف الزخم الإنفاقي في القطاعات التي تمس المواطن مباشرة، فخادم الحرمين حرص على تنفيذ بنود هذه الموزانة على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة ، ما يعكس التزام الدولة المسؤول تجاه الوطن، وما حملته هذه الموازنة من بشائر خيرة. فالدولة تبذل جهودا كبيرة تجاه تحقيق خدمة مميزة للمواطن من خلال تخصيص مئات المليارات في الخدمات المباشرة ، فالمواطن سيبدأ في تلمس نتائجها خلال السنوات الثلاث المقبلة فالوقت الآن هو للعمل والإنجاز. عبد العزيز الجودي: برنامج الدولة الناجح في تقليص الديون المترتبة والتي بدأت تستقر قرب معدلات مقبولة نظير هذه السياسة الحكيمة وهو ما أثبت كفاءة وبعد نظر في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز التصنيف السيادي العالمي للدولة والتي أتت بنتائج مبشرة إذ بات يمثل فقط 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن يعود بذاكرته إلى الوراء قليلا حيث كان الدين العام للدولة يبلغ منذ سنوات قليلة 660 مليار ريال قبل أن يستقر قرب 99 مليار ريال، بانخفاض قدره 85 في المئة فقط ، ما ينطوي عليه الاستثمار الأمثل للفوائض المالية للدولة. فالدولة ماضية قدما في برنامجها الاستثماري في المشاريع التنموية بتخصيص 285 مليار ريال في الإنفاق الاستثماري، حيث تجاوزت إنفاق العام 2012 بنسبة قاربت 20في المئة رغم ما تواجهه من التحديات. الأمر الذي يعكس عزم القيادة على إنجاز تنمية غير مسبوقة . د.علي العلق : إن التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة في المراحل المقبلة يتمثل في دفع الدين المتراكم عبر العقود الماضية، إذ يشكل الدين العام واحدا من التحديات الكبيرة التي تواجهها الدولة، بمعنى آخر فإن المرحلة المقبلة تتطلب تحركا جادا لخفض الدين العام، بالإضافة إلى وضع استراتيجية طويلة الأمد لإيجاد فرص وظيفية للمجتمع السعودي والذي يشهد نموا كبيرا في عدد السكان. فالخيارات المتاحة أمام الدولة لتقليص الدين العام تتمثل في تقليص النفقات بشكل كبير، بحيث تتعامل مع العجز بطريقة مباشرة. هذا أولا، وثانيا: من خلال تفعيل جمع الزكاة و تفعيل طريقة تحصيل الرسوم على الشركات، وأخيرا تقنين الاستهلاك والتركيز على النفقات الاستثمارية بشكل أساسي. عكاظ: كيف تنظرون إلى المخصصات المرصودة للقطاعات المختلفة في الموازنة الجديدة؟ هادي الدوسري : الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد تحمل جملة من بشائر الخير أيضا، والتي تضعنا في صورة واضحة أمام مستقبل نأمل أن يكون أكثر ازدهارا، فالدولة قدرت إيراداتها للعام المقبل بمبلغ 829 مليار ريال، وحددت النفقات العامة بنحو 820 مليار ريال، أي بفائض يصل إلى تسعة مليارات ريال، وفي ظل الاستقرار العالمي لأسعار النفط فإن هذه النظرة الإيجابية للاقتصاد ستكون إيجابية، ويبقى أن نعزز سياسات التنوع الاقتصادي والتي ستقود بالضرورة نحو تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط كمصدر الدخل الرئيس، الأمر الذي بدأنا مؤخرا في تلمس طلائع هذه السياسة، كما أننا نتطلع إلى الدفع بها بكل قوة وجعلها هدفا استراتيجيا ورؤية تاريخية. عبد الله الشهراني: الموازنة العامة للدولة، تحمل العديد من نقاط القوة، التي نأمل أن تدعم مسيرة التنمية، إذ أن هناك تركيزا ليس في هذه الموزانة وحسب، بل في الموزانات السابقة أيضا على المشاريع ذات العلاقة المباشرة على الحياة اليومية للمواطن السعودي، من قبيل التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، كما تضمنت الموزانة برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو (285) مليار ريال. فعلى سبيل المثال بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام، والتعليم العالي، وتدريب القوى العاملة ما يقارب 204 مليارات ريال. ويمثل حوالى نسبة (25) في المئة من النفقات المعتمدة بالموازنة، وبزيادة تقارب (21) في المئة عما تم تخصيصه للقطاع بموزانة العام المالي 2012. والحال نفسه بالنسبة لقطاعات ( الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية) فقد خصصت الموازنة له حوالى 100 مليار ريال بزيادة نسبتها (16) في المئة عن ما تم تخصيصه بموزانة العام المالي ، 2012 ، عدا ما رصدته الموزانة لتطوير الطرق والمشاريع البلدية، ومؤسسات الإقراض الزراعية والعقارية وغير ذلك . عبد الرحمن الشهراني: هناك مصادر للتفاؤل تحمله الموازنة، سينعكس بإذن الله على مستوى النشاط الاستثماري، سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي، فالتركيز على تنفيذ البنية التحتية بشكل يؤمن بيئة استثمارية جذابة، لاسيما مع مضاعفة مخصصات وزارة النقل بنسبة تقترب من الضعف في العام المقبل لتنفيذ مشروعات الطرق وربط المدن والسكك الحددية مما سينعكس بطبيعة الحال على البيئة الاستثمارية فضلا عن ما تضمنته الموزانة من مشاريع لتجديد وتحديث وتطوير مرافق الموانئ لزيادة قدراتها الاستيعابية للواردات والصادرات، وإنشاء أرصفة في ميناء رأس الخير لخدمة مشروع وعد الشمال للصناعات التعدينية، وإنشاء وتجهيز وتأهيل المناطق الصناعية بمدينتي الجبيل وينبع، والبنية التحتية للصناعات التعدينية في رأس الخير، وتوسعة وتطوير مرافق المطارات الدولية والداخلية. وهذه المنظومة تساعد في البيئة الاستثمارية عموما. تني الدوسري: هناك ملامح كثيرة للموازنة العامة والتي تنعكس إيجابا على الحياة اليومية للمواطن، وتدعم النشاط الاستثماري للقطاع الخاص، نأمل أن يتفاعل الجميع مع هذه الأرقام، تنفيذا لأوامر قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فالتطورات الهامة في هذا الصدد تتمثل في نشاط المستثمرين عبارة عن (برنامج تمويل الصادرات السعودية) الذي ينفذه الصندوق السعودي للتنمية فقد بلغ حجم عمليات تمويل وضمان الصادرات من السلع والخدمات الوطنية منذ تأسيس البرنامج إلى نهاية العام المالي الماضي 2012 (26) مليار ريال. تني الدوسري : إن الإيرادات «التريليونية» التي تتضمنها الميزانية تجسد أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، واهتمامه حفظه الله بتوجيه موارد الدولة لدعم مسيرة التنمية التي خطت فيها المملكة خطوات واسعة، وحرصه حفظه الله على تعزيز رفاهية المواطن السعودي،فإن الموازنة الجديدة «قياسية» ليس فيما يتعلق بالأرقام فحسب، بل وفيما يتعلق بتوجهاتها أيضا. إن تخصيص القسم الأكبر من إجمالي النفقات العامة في الموازنة، للتعليم العام والتعليم العالي يعكس أولوية التنمية البشرية في برنامج الحكومة، ويعطي مؤشرا لاتجاهها الواضح نحو دعم تطوير الخصائص البشرية وإعطاء الأولوية لتدريب القوى العاملة، فهذا التوجه «يوضح نهج الدولة المستمر في إعداد إمكانات الدولة وقدراتها على مواجهة التحديات التي يطرحها علينا السباق الحضاري في ضوء التغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة في كافة مجالات الحياة، خاصة التقدم المستمر في التكنولوجيا التي دخلت كافة تفاصيل حياة الإنسان. عبد العزيز الجودي : إن حكومة خادم الحرمين الشريفين حققت الكثير من الإنجازات ولعل أبرزها الإنجاز الاقتصادي الرائع الذي جاء في وقت تشهد فيه العديد من دول العالم أزمات اقتصادية حادة، وليس من سبب وجيه لهذا الوضع سوى أن البلاد تسير وفق خطط منهجية تتعامل مع الواقع بكل مجرياته، فقادة البلاد يعون جيدا أن الأسواق النفطية وهي المصدر الرئيسي للدخل غير ثابتة، وربما تتعرض لبعض الهزات غير المتوقعة، لذلك تأتي التقديرات مرنة ومتحفظة تنسجم مع أي طارئ يحدث. هذا يضاف إلى حالة الاستقرار العامة، وأبرزها الاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي وهي عوامل باعثة للنمو الاقتصادي، وتمثل بيئة مثالية للاستثمار المحلي والأجنبي وارتفاع عدد المشاريع. الدكتور علي العلق: إن الموازنة الإيجابية تفرض على الدولة اتخاذ خطوات ضرورية منها التوجه إلى النفقات الاستثمارية بالدرجة الأولى كبناء المدارس و بناء الطرق و الموانئ، بمعنى التركيز على النفقات الاستثمارية عوضا من التركيز على الأشياء الاستهلاكية، بالإضافة إلى إعطاء حوافز استثمارية للقطاع الخاص. إن التركيز على القطاع التعليمي استراتيحية هامة، باعتباره من المرتكزات الأساسية والتي تحتاج إلى استثمارات كبيرة، سواء على المستوى التعليم الأولي أو التعليم الجامعي، خصوصا أن بعض مناطق المملكة تعاني من وجود مبان مدرسية مستأجرة كثيرة، وتعاني من نواقص عديدة في التأثيث اللازم والضروري لإنتاج طلبة مؤهلين بشكل جيد لدخول الجامعات، ومن ثم المنافسة في السوق، كما يوجد نقص في المقاعد الدراسية على المستوى الجامعي، لذا ينبغي التركيز في المرحلة المقبلة على الاستثمار الجامعي، و إنشاء الجامعات، و توسيع القائمة منها، فالقطاع الخاص يعتبر أحد البدائل الهامة للمشاركة في الاستثمار التعليمي، من خلال إعطائه الحوافز الكبيرة لبناء الجامعات الجديدة دون إغفال مسألة الدخل السنوي للمجتمع السعودي، فمشاركة القطاع الخاص في القطاعات الإنتاجية المختلفة من الأهمية بمكان، من خلال إيجاد خطة استثمارية فاعلة بالنسبة لتلك القطاعات، سواء الزراعية أو السياحية و الخدمات، بحيث تراعي تلك الخطة إعطاء المحفزات، وإزالة المعوقات التي تساعد القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية، فمشاركة الدولة بشكل مباشر في الاستثمار والقطاعات الإنتاجية غير محبذ، نظرا لوجود ضغوط زيادة النفقات. د. تيسير الخنيزي: إن حجم الايرادات البالغة 829 مليارا والمصروفات المقدرة ب 820 مليارا بفائض يقدر بتسعة مليار ريال، تشكل قوة دفع قوية للاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة. وبالتالي فإن أسعار النفط المرتفعة نسبيا ستكون محفزا أساسيا في مواصلة الاقتصاد الوطني الخطوات الإيجابية التي سجلها خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن المشكلة التي تواجه الدولة في السير قدما في مشروع تخصيص القطاعات الخدمية، يتمثل في البطء الشديد في تطبيق استراتيجية التخصيص، إذ لاتزال تلك القرارات غير مفعلة على الأرض، وبالتالي فإن المسألة تحتاج إلى إجراءات سريعة تسهم في تفعيل تلك القرارات على الأرض خلال فترة زمنية محددة. المشاركون في الندوة الدكتور علي العلق أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور تيسير الخنيزي . خبير اقتصادي هادي الدوسري متخصص في الاجتماعيات عبدالله الشهراني تربوي عبدالعزيز الجودي تربوي تني الدوسري تربوي عبدالرحمن الشهراني تربوي