حتى المقربون من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لم يعد يطيقون الصمت والسكوت على ممارساته السياسية، التي لم يجد لها ساسة العراق إلا وصف الإقصاء. وآخر الممتعضين والمقربين من المالكي أمين بغداد صابر العيساوي. إلا أن المالكي رفض استقالة العيساوي بصورة نهائية وأقنعه بالبقاء في منصبه، حسب آخر الأخبار الواردة من بغداد. لقد تحولت مهمة المالكي من إدارة العراق المضطرب والمتأرجح إلى الحفاظ على نوابه من الاستقالة، ليتحول المالكي من رئيس حكومة إلى رئيس حزب يحاول منع سفينته من الغرق في خضم الوضع السياسي العراقي. ثمة مشكلة حقيقية في العراق اليوم، محورها أن هناك رئيس حكومة يحاول أن يلعب دور الديكتاتور لفرض الهيبة، متناسيا أن هذا البلد خاض حربا عالمية من أجل التخلص من عصر الديكتاتورية، إن أعظم الدروس في الحالة العراقية لم يتعلمه المالكي حتى الآن، وهو صعوبة الانفراد بالسلطة وتجاهل «عراق» بأكمله على حساب أجندات شخصية، تأخذ في بعض الأحيان البعد الطائفي والإقليمي. والآن، لم يحتمل الشارع العراقي «فردية المالكي»، لتشعل الأنبار أولى شرارات الاحتجاج ثم تتلقف سامراء هذا الشرارة، على أمل أن تقف عند حد معين كي لا يكتوي العراق مرة أخرى بنار الفرقة والفوضى، وهذا لن يتم إلا من خلال الاستماع لكافة القوى السياسية، ومشاركتهم في عملية البناء، إذا كانت هناك رغبة حقيقية في بناء عراق جديد.