البعض أرسل محتجا على ما كتبته عن «محمد بوعزيزي» بأنه مريض نفسيا، وأن علي الاعتذار عن هذا الوصف غير اللائق، لهذا المناضل الذي لا يستحق أن يشتم، مع أني وضعت بعد اسمه «رحمة الله عليه»، كدليل أو إشارة توضح أن وصفي ليس من باب الشتيمة، بل التعاطف والحزن والترحم عليه. الحق يقال: لم أغضب من هذا الهجوم أو الفهم الخاطئ لمصطلح «مريض نفسيا»؛ لأن الكثير ممن يزعمون الثقافة أو التدين يستخدمون مصطلحات «مريض أو مريض نفسيا» للهجوم على من يخالفهم أو أعدائهم كشتيمة، فدخل المصطلح حيز أو قاموس الشتائم لدى بعض مريدي المثقف وتلاميذ الداعية. كنت قد كتبت فيما مضى عن الكلمات والمصطلحات، وأن الآباء والمجتمع ومثقفيه والدعاة حين يعلمون الجيل الجديد أو مريديهم معنى كلمة أو مصطلح، هم يعطونهم محتوى يتضمن معنى «ذهنيا عقليا وعاطفيا» لهذه الكلمة أو المصطلح، وهذا ما جعل مصطلح «مريض نفسيا» يثير مشاعر الغضب أو يستدعي في ذهن المتلقي باقي قاموس الشتائم، من باب أن هذا المصطلح سلاح يستخدم للهجوم على الآخر حين يثير غضبنا، بل حتى كلمة «معاق» التي من المفترض أن تثير تعاطفنا هي كذلك سلاح يستخدم للشتيمة، وكل هذا بسبب أننا لا نريد مواجهة أنفسنا بأن لدينا «وخصوصا بعض المثقفين والمتدينين» أزمة إنسانية تجاه الأضعف أو المريض أو المعاق، أو هي أي هذه المصطلحات أحيانا ملتبسة تثير مشاعر مختلفة ومتناقضة. فعلى سبيل المثال: حين تخبر شخصا بأن الآخر مريض بالسرطان، ستجد انفعالاته الأولية تدفعه للقول: «الله يساعده» بدافع التعاطف، فيما لو قلت إنه مريض بالإيدز ستجد الرد «أعوذ بالله»، أما حين تصف الآخر بأنه مريض نفسيا، ستكون الانفعالات عدوانية تجاه هذا المريض، فتستدعي باقي الشتائم، مع أن مصطلح «مريض» أيا كان المرض من المفترض أن يثير دائما تعاطفنا وشفقتنا؛ لأن هذا الإنسان يتألم. خلاصة القول: إن لكل مجتمع/ إنسان قاموس «شتائمه»، وهذا القاموس يدل على مدى وعيه وتحضره، فإن كانت الأمراض النفسية والإعاقات الجسدية والتشوهات الخلقية داخل قاموس شتائمه، تستخدم سلاحا للهجوم على الآخر لتحقيره، عليه أن يعيد النظر في إنسانيته. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة [email protected]