لم تقف الإعاقة حائلا أمام إبداع وتألق صالح العتيبي، فالشاب الذي لا يزيد وزنه على 32 كيلو جراما ويعاني من شلل نصفي وإعاقة في الجزء الأيمن من جسده، يتمتع بمواهب متعددة ظهرت جليا خلال فترة إقامته بمركز التأهيل الشامل في مكةالمكرمة الذي دلف إليه وهو لم يتجاوز السادسة من عمره قادما من قريته السعدة جنوب محافظة الطائف. وعلى الرغم من أن العتيبي يعتمد على عربته الكهربائية في تنقلاته إلا أنه استطاع أن يثبت تفوقه وقدرته على التميز والإبداع أكثر من بعض الأصحاء، الذين لم يستطيعوا تحقيق ما وصل إليه من مستوى بشهادة المسؤولين في مركز التأهيل الشامل في مكةالمكرمة، فالشاب مقيد في سجلات المركز منذ 21 عاما وهو أقدم النزلاء، ويجيد التحدث بأربع لغات هي الأردية، والإنجليزية، والهندية، والفلبينية، وهي لغات اكتسبها بالممارسة اليومية مع العاملين في المركز ودعم هذه الموهبة بالتعليم حيث صقل قدرته على التحدث والكتابة، عطفا على تفوقه الدراسي، رغم عدم التحاقه بمقاعد الدراسة إلا بعد 15 عاما. ويحلم الشاب الموهوب الذي لم يتجاوز ال27 من عمره بأن يجد «عروسا» تقبل به زوجا، تقاسمه أفراحه وأحزانه ويبوح لها بمكنوناته ومشاعره، ويأمل أن تكون جميلة ولا يمانع في قبول أي فتاة ترغب الزواج منه حتى لو كانت مطلقة أو أرملة أو من ذوي الفئات الخاصة من الصم والبكم، فهدفه الاستقرار والعيش في كنف أسرة. وأعلن العتيبي قدرته على إكمال نصف دينه واستعداده لتأمين مهر حتى 50 ألفا، إضافة إلى أن لديه شقة سكنية في محافظة الطائف سينتقل للعيش فيها فور حصوله على شريكة حياته. ويحرص العتيبي على مد يد العون والمساعدة للآخرين من زملائه المعاقين من نزلاء المركز حتى أدرك المسؤولون في إدارة التأهيل الشامل الجهود التي يبذلها يوميا فتم تعيينه مشرفا مهمته مساعدة المعاقين مقابل مكافأة مالية قدرها ألفا ريال شهريا، وهي ما ساعدته في العمل التجاري في بيع وشراء الأجهزة الإلكترونية. وذكر العتيبي أنه منذ أن قدم لمركز التأهيل الشامل وهو يطمح لتحقيق التميز ويجد في نفسه الكفاءة لتحقيق ما يصبو إليه، بيد أنه وجد رعاية جسدية، وافتقد للرعاية التعليمية التثقيفية والتربوية في مدارس التعليم العام. لكنه لم يستكن فبدأ بتعلم اللغات المتعددة للعمالة الوافدة في المركز واستطاع تعلم أربع لغات وأثناء تلك الفترة ظل ينتظر الفرصة حتى بلغ الخامسة عشرة من عمره حيث صدر قرار بالسماح للمعاقين بالانضمام إلى مقاعد التعليم العام فكانت البداية حيث تنقل بين مدرستي البراء بن مالك الابتدائية وعبد الله خياط الثانوية ولايزال يدرس حاليا في الصف الثاني الثانوي ومتفوق دراسيا، مؤكدا أنه سيكمل التعليم الجامعي حتى يبلغ هدفه ويصبح باحثا اجتماعيا.