باتت دباغة وصناعة الجلود في منطقة نجران مهددة بالانقراض في ظل عزوف الشباب عن أخذ أسرار المهنة من آبائهم وأجدادهم الذين احترفوها على مدى عقود طويلة، في وقت اقتصرت على عدد قليل من كبار السن الذين ورثوها من قبلهم. «عكاظ» تجولت في أشهر المواقع التي تتم فيها صناعة الجلود في حي أبالسعود البلد القديم في جنوب غرب مدينة نجران واستمعت إلى مشاكلهم والعوائق التي تعترضهم في ممارسة بيعها وصناعتها. في البداية تحدث أقدم صاحب مهنة حرفية في صناعة الجلود في منطقة نجران المواطن محمد سالم آل عبية قائلاً أقوم بصناعة الميزب الذي يحمل فيه الطفل بعد الولادة وكذلك مشراب الماء (القربة) والعكة التي تحفظ السمن البلدي والعصم الخاص بحفظ حبوب القهوة. وعن كيفية الحصول على الجلود الخاصة بهذه الصناعة أوضح آل عبية أنه يبتاعها من أشخاص يقومون بدباغتها في منازلهم الخاصة، كاشفا أن عملية الصناعة تستغرق مدة يومين لتصبح معروضة للبيع، مؤكدا أن هناك إقبالا من قبل المواطنين على شراء هذه المنتوجات خاصة الميزب الذي ما زالت نساء منطقة نجران يرغبن في اقتنائه، والذي يحافظ على الطفل من الشمس والبرد وهو آمن لمنع سقوط الطفل. مبينا أن سعر الميزب يتراوح ما بين 400 600 ريال، مؤكدا أن دخول هذه المنتجات عن طريق الشراء من دولة اليمن ساهم بشكل كبير في خفض أسعار المنتج المحلي. وعن مشاركة أبنائه له في هذه المهنة، أوضح أن أبناءه تعلموا هذه الصناعة ولكن تركوها بعد فترة من تعليمها وحصولهم على وظائف في القطاع الحكومي أو الخاص. وقال آل عبية كسبت هذه المهنة عن طريق آبائي وأجدادي الذين بلغ عددهم في ممارستها 180 شخصا ولم يتبق إلا أنا وأصبحت طاعنا في السن وسوف تنقرض هذه المهنة من عائلتي بعد تركي لها. كما تحدث المواطن محمد سعد البديدي المتخصص في صناعة مشاريب المياه من الجلود قائلاً إن عملية صناعة المشاريب تستغرق مدة ساعة تقريباً موضحاً أن يقوم بشراء الجلود بعد دباغتها من بعض الأسر بمبالغ مختلفة حسب حجم الجلد ونوعيته مؤكدا بأنه أصبح كبيرا في السن ولا يوجد أحد من أبنائه يجيد المهنة. في المقابل التقت «عكاظ» بالمواطن مخفور سعد اليامي والمتخصص في دباغة الجلد حيث كان متواجدا في سوق أبا السعود لبيع جلود مدبوغة على من يقومون بصناعتها لبعض المنتجات وتحدث أنه تعلم هذه المهنة عن طريق آبائه وأجداده وأنه لا يوجد من يساعده سوى زوجته في منزلهم الخاص، مؤكداً أنه يحرص على المشاركة في مهرجان الجنادرية والذي يعد الوحيد الداعم لهم في بيع منتجاتهم.