ربما الآن يحلو الحديثُ عن الحبِّ، عنها بكاملِ زينتها، وتفاصيلها المرتجاة، عن الطرحةِ التي وضعتها على شعرها الكستنائي، والكحلِ يسكن عينين من لازورد. *** قلت: لله ما أجملك. طعم «عينيك أشهى قليلا» من الحبِّ، ولا صوتَ للعطر إلا على شفتيك، ولا ثمّ ما يستحيل إلى فتنة غير قولك: إني أحبك، لا شيء يشبهك الآن، إذْ كلّ ما فيك يغني عن الأسئلة. *** ربما الآن توقظ فيك الحياةَ التي لم تنلْ من تفاصيلها غيرَ حلم الطفولةِ، تحتل فيك مساحةَ ضوءٍ من الوجدِ، تمكرُ، تغمرُ، تحتدُّ، تسرفُ، تبكي، تعاندُ، لكنها سوف تبعثُ فيك الحياة. *** قلت: لله ما أجملك. بوحُ قلبك أندى من الوردِ حال اختلالِ الفصولِ، حديثك عصفورةٌ ترقبُ النّورَ في رجفةِ العاشقين الغلاة، وضحكتُك الماءُ، لا طعمَ للماءِ من دون ضحكتكِ الغضةِ المشتهاة، ولا شيء يشبهك الآن، لا شيء، في البدءِ والصد. *** ربما الآن بين يديها تصبُّ حروفك عشقا، وتوحي لها بالذي لن يكون على غير فتنتها الأنثوية، تقرأ، ترمز، ترقص، تختال، تغنج، تفتن، تشهق، ترتد عن غيّها المرِّ، كي توقظَ الظلَّ من تربةٍ كونتها يداك. *** قلت: لله ما أجملك. حين تمشين يرقص نبض التراب انفعالا، يحاكيك في خفة المشي، يخلق من نفسه شبها فيك، لكنّ: لا شيء يشبهك الآن، إذ كل ما فيك يخلو من الأمثلة. *** ربما الآن تأتي بوزر الطفولة، غير موهومة بالحكايا القديمة، تصبو، تخاطر، تسمو، تشاكس، تمعن، تنأى، تماري، فلا تنتشي دون أن تعبر الجسر نحو انفعالاتها، واستعد ما توهمته في الطفولة، وهمَ الحكايات تسرحُ فيها بلا شجنٍ واهنٍ مستبدٍ، ووهمَ المكان الذي سكنته على غير ما رغبة فيه، وهمَ الغريبِ الذي ظلّ يشكو تضاد المشاعر، وهمَ المسافر حال ارتباك المواقيت، لا تبتئس بالذي قد تراه، وخذ من عيونك ما قد يشف، وظل على روحك المرتضاة. *** قلت: لله ما أجملك. إنّ رائحة القمح في راحتيك عبورُ المساكين، أرديةُ الفقراء الكسالى، وموال مغترب ظن في أولِّ الأمرِ أن له حظوةً في الوجود، ودفترُ أنثى تؤنب تأريخها إذ مضى دون أن تقرأ الحظَّ، أو دونما تقرأ الحبَّ، قد قلت: لا شيء يشبهك الآن، لا شيء، حتى ملامح روحك ضدّ.. وضد.