كان افتتاح الكورنيش الثلاثاء الماضي بسيطا في تنفيذه مميزا في رسالته، ولعل سر تميزه أن المنجز ملموس أمامك تشاهده على أرض الواقع، فمن يقف على المرحلة الأولى المطورة من كورنيش جدة يدرك أن هناك عملا جبارا ومتابعة لأدق التفاصيل من حيث تناغم التصميم وأريحيته ومرونته بنفس الوقت. فعندما تسير بالمشروع تشعر بحركة دائبة وسعادة غامرة لكل مرتاديه، وبالتالي أصبح المتنفس الحقيقي لجدة . لذا يجب أن نشكر أمانة جدة على هذا العمل الرائع، كما علينا أن نشكر الشركة المنفذة على جودة التنفيذ. فالمشروع هو نواة لمشاريع تطويرية أخرى تعادل خمسة أضعاف المشروع الحالي. فعلينا أن نكون داعمين لأي منجز، ولا نستخدم أسلوب النقد الهادم غير البناء مما يؤثر سلبا على القادم. و كلي ثقة لو أن أحد المنتقدين رأى هذا المشروع في إحدى الدول المجاورة لكال له المديح، وطالب مسؤولينا بزيارته للاستفادة منه، ولكن للأسف لدينا حالة إحباط ونقد دائمة لأي نجاح، وننظر للنصف الفارغ من كوب الماء فقط. جمال المنجز يتطلب منا جميعا التكاتف لدعمه، وطرح آراء تساهم في تطويره، وباتفاق معظم الزائرين أن أكبر تحد لأمانة جدة هو كيفية المحافظة على المشروع ... علما أنني أرى أنها ليست مسؤولية أمانة جدة فقط، بل من قبلها مسؤولية المواطن وكيف يحافظ على هذه المكتسبات. لذا اقترح أن تتغير طريقة وأسلوب التعاطي الحكومي مع ملف الخدمات العامة بحيث يتحمل المواطن تكلفة رمزية جدا وليس الغرض هنا إيرادات بقدر ماهو إشعاره بالمسؤولية تجاه هذه المكتسبات، وليكون كورنيش جدة هو البداية بحيث تصرف هذه الإيرادات على صيانة المشروع لنضمن استدامته. فعلى سبيل المثال فرض رسوم لاستخدام دورات المياه لأنها معرضة للتلف بشكل سريع من سوء الاستخدام مما سيؤثر على جمال المشروع، كما أن فرض رسوم على مواقف السيارات من شأنه الحد من وقوف السيارات العشوائي الذي سبب إشكالية بالحركة المرورية، وإتلاف الأرصفة . كما أن مسؤولية الجهات المعنية التوعية من جانب، وتطبيق النظام على المخالفين من الجانب الآخر، فمهم دور المرور في متابعة المخالفين وتطبيق النظام عليهم، كما من حق أمانة جدة تطبيق لائحة الجزاءات والغرامات على المخالفين. فالمادة الأولى من مخالفات الصحة العامة تسوغ للأمانة بفرض غرامة مقدارها200 ريال على أي مواطن يلقي بالفضلات في الأماكن العامة ويشمل ذلك الحدائق والطرقات والميادين والشوارع . وخير ختام ماقاله سمو الأمير خالد الفيصل عن جدة في كلمته لافتتاح المشروع «إنها الحلم يتأسس، والإبداع يتنفس ..إنها أنتم، فاتقوا الله في أنفسكم» .. * رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات [email protected]