«الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!».. هذه العبارة التي قالها حائز جائزة نوبل في الكيمياء الدكتور «أحمد زويل» تلخص ببلاغة منقطعة النظير واحدة من أخطر المشكلات التي ما زالت منطقتنا العربية ترزح تحت وطأتها منذ عقود طويلة دون علاج. لنفترض أن هناك طفلا صغيرا طلبت منه ان يحضر لك شيئا من فوق خزانة مرتفعة، وحاول الطفل القفز مرات متتالية على أمل الوصول بطوله القصير وكفه الصغيرة إلى الخزانة دون جدوى، لا تتوقع عندها أن يتمكن من الوصول وإحضار ما تريده لك حين تنهال عليه بسيل من الكلمات المحبطة لأنه لم يصل، بدلا عن ذلك أعطه سلما آمنا ليرتقي درجاته ويحضر لك ما تريد، ويتحمس أكثر لإنجاز المزيد. هنا يكمن الفرق بين الإدارة الناجحة التي تحول عجز الآخرين إلى مقدرة، والإدارة الفاشلة التي تتسبب بجهلها في تراجع مقدرتهم الشخصية إلى أدنى درجاتها بما تصبه عليهم من توبيخ وإحباط، أو حتى تجاهل وإهمال. تشجيع الاجتهاد وبذور المواهب لدينا استثناء، وتجاهلها المتعمد شبه قاعدة، وهكذا سرعان ما تتراجع معنويات الشخص المجتهد وحماسته الداخلية إلى ما تحت الصفر، ونفقد بهذا ثروة إنسانية عظمى نحن بأمس الحاجة إليها في ظروفنا التنموية الراهنة. وهذا الوباء ليس مؤسساتيا فحسب، بل مجتمعي أيضا بكل أسف. فالمجتمع لا يقصر في اعتبار أدنى بادرة من بوادر الفشل شغله الشاغل، يثرثر عنها، ويسخر منها، ويهزأ بأصحابها، أما ظواهر النجاح فلا ينظر إليها إلا بصمت ولا مبالاة في معظم الأحيان، معتبرا بزوغها سخفا لا يستحق الاهتمام!! [email protected]