لا أشك في أن معظم الإداريين المتميزين في المملكة، وربما في الوطن العربي على اتساعه، سبق أن قرأوا كتاب «حياة في الإدارة» لصاحب العقلية الإدارية المخضرمة الدكتور غازي القصيبي رحمه الله. أما غير المبالين من إداريين سيئين أو غير مهتمين بتطوير أنفسهم ومهاراتهم المهنية والحصول على أفضل النتائج المرجوة من الموظفين الواقعين تحت إمرتهم، فلا يسعنا أن نتوقع منهم قراءة عناوين الصحف اليومية، فضلا عن الكتب التي تطرق أبواب أذهانهم وتزعج سبات أقفالها الغارقة في الصدأ. وبسبب أميتهم الإدارية وجهلهم بأبجديتها الصحيحة صار وراء كل خراب كبير أو مشكلة عامة مدير فاشل وإدارة فاسدة كان بالإمكان تلافي كوارثها بقدر جاد من التدريب والتثقيف الإداري القادر على تقويم سلوكيات المديرين، واستبدال أفكارهم الخاطئة عن أسلوب الإدارة الصحيح للأماكن والأشخاص بأفكار واستراتيجيات إيجابية جديدة تتلاءم مع إيقاع العصر وتغيراته السريعة؛ لأن «محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكارا قديمة هي مضيعة للجهد والوقت» كما يؤكد الدكتور القصيبي في كتابه المذكور، وإذا كان لا بد من بقاء الأشخاص القدامى على مكاتبهم الإدارية حرصا على خبراتهم السابقة ونضجهم الوظيفي، فلا بد من تخليهم بين فترة وأخرى عن بعض الأساليب الإدارية التي تنتهي صلاحيتها بمرور الزمن، ودخول عناصر شابة ذات فكر جديد يحتاج إلى مرونة خاصة تجمع بين الحزم، والاحترام، والتقدير، وحسن الإنصات لوجهات نظرهم ونقاط استيائهم. ومن المؤسف أن عدد الإدارات النسائية التي ترزح تحت وطأة هذا التخلف يتفوق على عدد الإدارات الرجالية الموبوءة بهذا الوباء، لأن ستار عدم المتابعة الكافية الذي تتخفى وراءه يهبها فرصة اضطهاد موظفاتها، وقمعهم، وهضم أبسط حقوقهم دون أدنى رادع! [email protected]