اليوم يلتقى رؤساء الأندية في نادي الأحساء الأدبي وهم يمثلون المؤسسات الثقافية والمثقفين، فمن حق الشباب المثقف أن يطرح سؤالا مفاده: هل الحركة الثقافية لدينا بوصفها صائغة للفكر وقائدة للتنوير شكلت استجابة للواقع التاريخي واستحضرت التحولات المجتمعية أم أنها غردت خارج النسق التفكيري للمجتمع فرسمت في مخيلته ارتداءها رداء التعالي عليه واستصغار إمكاناته وموروثاته وثقافته ومن ثم التمرد عليها ؟ لماذا (إلى الآن) كل مخرجات المثقفين وعباراتهم ومصطلحاتهم طلاسم يتعين كشفها ؟ هل يستطيع المثقفون (ومن تمسح بهم من المتثيقفين) طمس الصورة النمطية من الحركة العدمية التي لا تنتج سوى العبث واللا معنى ؟ وهل يمكن لرؤساء الأندية العودة بالمؤسسات الثقافية إلى السير وفق رؤية منهجية ليؤسسوا طريقا صحيحا يساعد على الوصول إلى الحقيقة واليقين ومن ثم إلى جوهر الإبداع الإنساني المتسائل والمتفائل دائما ؟ إلى متى تظل حركتنا الثقافية تعيش غير مستحضرة للشرط التاريخي المفصلي الذي لا يقوى المثقف معه على أن يصدر ثقافة ذات سمات وخصائص ؟ لماذا كل هم المثقف أن يستقبل الثقافات دون أن يكون لديه عملية إرسال تبادلية ؟ هل السبب أن ثقافته عاشت ردحا طويلا من الزمن تتحلق حول ذاتها وتتزلف للنادي النخبوي حينا ولقناعات بعض فئات المجتمع القاتلة للإبداع أحيانا أخرى ؟ لماذا تكرس في الذهن أن الإبداع لا يجالس إلا النخبة والرموز، وإذا سولت لأحدهم نفسه اقتحام النادي النخبوي لا بد أن يقدم شهادة من الرموز تؤكد صلاحيته لهذه العضوية وإلا عليه أن يبقى تابعا لا رائدا وسفحا لا قمة وهامشا لا متنا ؟ إن العقلية الثقافية عاشت أحادية النظرة فبخست وطمست وألغت مساحات من الإبداع، وسيطرت (بشبوكها) الإعلامية على الساحة والمساحة المتاحة، وأحالت مجموعة من المبدعين الذين لم يسمح لهم بدخول ناديها إلى كائنات مستلبة أو طفيليات يجب محاربتها قبل أن تنتشر في جسد الثقافة، فتعرض قدرا كبيرا من مثقفينا ومبدعينا ممن لم يحظوا بدخول النادي النخبوي للتهميش والدونية. وفي التحولات اللحظية اختلطت الأوراق وتهشمت أسوار النخبوية، وبدأ يتصدع السور المتين المحيط بقصر الثقافة المشيد وبدأت تلوح معالم أفق وأدوات وشخوص جديدة تكاد تشكل ريحا تقتلع رمزية النخبة أو على الأقل تكسر رؤوسها الشامخة والمرتفعة جدا عن جسد المجتمع غير أن الخوف أن تكون هذه التحولات تؤسس لوعي مثقل بالتقليد ومقيد بالتغذي الحصري للإرث التاريخي فيشكل لنا ثقافة جنينية تقليدية مأزومة لا تقبل المثاقفة، ولا تمد جسور التواصل مع الإبداع المغاير، فنكون بمثابة المستجير من الرمضاء بالنار، وألقاكم. تويتر @aanzs1417 [email protected]