كريم هذا المجتمع ومعطاء، والبذل والسخاء متأصل بكل تفاصيل مكوناته تدفعه لذلك قيم عالية واحتساب للأجر فيما يقدم، لكن النوايا الطيبة ليست كافية لدخول الجنة كما يقال فهذا العمل الخيري جرى اختراقه في وقت سابق وتحول إلى عبء كبير على الوطن لكن فطنة الدولة وتصرفها الحكيم حد من هذه السلبيات الكبيرة ووضع الضوابط التي تضمن خلو هذا الجهد من الشوائب. لكن في التفاصيل الصغيرة والشيطان يكمن في التفاصيل هناك ما يعكر صفو الماء وعذوبته في هذا المجال وخصوصا في مستويات أقل تتعلق بالجهد الفردي غير المنظم من قبل الأفراد الذين تغلب عليهم الطيبة والنبل؛ فعلى سبيل المثال وهو مثال صغير لكنه هام جدا هذه الرغبة النبيلة بالعطاء حولت بعض عمال النظافة من أشخاص يقومون بعمل معين يتقاضون مقابله مرتبات شهرية، حولتهم إلى مجموعة من المتسولين المقصرين في عملهم. يترك العامل مهمته الأساسية ويتحول إلى مستقبل ومودع بالسلام لمن يمر بجانبه وهو يعلم في أي مكان يجب أن يتوقف حتى يمر به أكبر عدد ممكن من المتسوقين حتى لو أدى ذلك إلى تراكم المخلفات في المواقع الأخرى فهو مشغول عن القيام بمهمته ومتفرغ للتسول غير المباشر. أدرك تدني رواتب هؤلاء وحاجتهم الماسة جدا للمساعدة ولست ضد هذه المساعدة بل أطالب بها وأشد على يد كل من يفكر بمساعدتهم، لكني أتمنى منه أيضا أن يفكر بتأثير هذه الثقافة على إنتاجيتهم وسلوكهم العملي.. نستطيع مثلا أن نقدم لهم ما نريد ولكن على شكل مكافآت للمتميز منهم وذلك بالتنسيق مع مقار أعمالهم وبشكل حضاري منظم يضمن استمرارية العطاء وانتظام العمل وحفظ كرامتهم.