بلغت حالات الطلاق الموثقة لدى وزارة العدل حسب ما ورد في الكتاب الإحصائي لها لعام 1432 نسبة 18% من حالات الزواج الموثقة لديها. وبالرغم من أن هذه النسبة تعد الأقل مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية إلا أنها تحتاج إلى وقفة تأمل ودراسة وخاصة إذا علمنا أن معظم حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثا خلال السنتين الأوليين من الزواج مما يعني أن الخلل يكمن في بداية المشوار حيث بالتأكيد لم يتمكن أي الزوجين من الإمساك بمفاتيح الوصول إلى قلب الآخر إلى درجة تحقق له الإيثار والتضحية والشراكة المستدامة من خلال الاحترام والحب المتبادل. وتشير الدراسات إلى أن معظم حالات الطلاق تكون لأسباب تافهة ومشكلات بسيطة تتعقد نتيجة اصطدامها بتعنت في المواقف والتمسك بالرأى الأحادي من قبل أحد طرفي العلاقة أو كلاهما بل قد تنطلق المشكلة من رأى عارض يتمسك به طرف وينتقده الطرف الآخر في حوار يبدأ وديا وينتهي بطلاق فيؤدي الاختلاف في الرأى إلى خلاف زوجي يهدد مسيرة الحياة الزوجية من سنة أولى زواج. ومن التجارب الواقعية التي أراها في المجتمع فإني أعتقد أن الشباب والشابات في عصرنا هذا يتسمون بالسرعة والجرأة في اتخاذ القرار سواء كان للارتباط أو للفكاك ويفتقدون التحلي بالصبر والاستماع للطرف الآخر وفن الحوار الناجح وتحمل المسؤولية الزوجية وبالتالي هم في حاجة إلى التأهيل في هذا الجانب قبل الخوض في تجربة زوجية قد تنتهي بالفشل.. بعض الجمعيات الخيرية المتخصصة في تزويج الشباب ورعاية الأسرة بادرت بتصميم وتنفيذ دورات تأهيل للشباب والشابات للمسؤولية الزوجية بصفة عامة وهي بادرة جيدة ولكنها لا تكفي لأنها غير ملزمة أو محفزة وبالتالي فإننا نحتاج إلى الزامية التأهيل وجعلها من متطلبات عقد القران مثلها مثل شهادة الفحص الطبي وأعتقد أن المجتمع السعودي يتقبل ذلك حيث أثبتت نتائج الاستبانة الإلكترونية التي نفذتها الجمعية الخيرية للزواج ورعاية الأسرة (أسرتي) أن 81% من العينة وافق على ضرورة إلزامية تدريب المقبلين والمقبلات على الزواج على الحوار الأسري ومهارات وفنون حل المشكلات الزوجية فهل لنا أن نطلب من كل شاب وشابة الحصول على رخصة قيادة الأسرة قبل الدخول في سباق الزواج؟ وهل لنا أن نطلب من وزارة العدل إلزامية التأهيل ؟ ولعله من المناسب أن تتبنى برامج التأهيل لرخصة قيادة الأسرة مراكز الإرشاد الأسري الأهلية التي وافق على تنظيمها مجلس الوزراء تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية فتكون لها باكورة مباركة تحسب في موازين حسناتها أو ربما تتبنى الجامعات احتساب التأهيل ساعات اختيارية معتمدة في المسارات الأكاديمية مما يحفز طلاب وطالبات الجامعات على التأهيل لقيادة الأسرة وهم في سن الزواج بل أتمنى على عمادات خدمة المجتمع في الجامعات المساهمة في تصميم حقيبة تدريبية شاملة لرخصة قيادة الأسرة وتقديمها للراغبين في الزواج من الجنسين بدون مقابل إن لم يكن بحافز مادي رمزي. Dr- [email protected]