اتضحت في العقدين الأخيرين في العالم العربي، الملامح الأكثر وضوحا للمهرجانات العربية ولمختلف المجالات، بدءا بمجال السينما وهو المهرجان العريق الذي شهدته القاهرة منذ السبعينات كما شهدت قبله مهرجانات الموسيقى منذ الثلاثينيات من القرن الماضي ومرورا بمهرجانات المسرح ثم مهرجانات الإذاعة والتليفزيون وعطفا على مهرجانات الأغنية كذلك مهرجانات الفنون التشكيلية وأخيرا مهرجانات الكتاب والشعر التي أصبحت تحتوي أنماطا فنية عديدة، وكان اللمعان الحقيقي لبداية المهرجانات الفنية العربية قد بدأ منذ مطلع السبعينات الميلادية مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي بدأ بداية قوية جعلته في ما بعد أحد أهم ثماني مهرجانات عالمية على مستوى العالم وثبت مصر كدولة رائدة على المستوى الفني في المنطقة العربية، لا سيما في مجال السينما التي لم ينافسها فيها أحد من العالم العربي إلى الآن إلى جانب محاولات خجولة من العالم العربي وتحديدا في سوريا ولبنان والعراق وشمال أفريقيا ودول الخليج وإن قامت دول أخرى كثيرة فيما بعد بعمل مهرجانات سينمائية كبيرة رغم أنها لاتصنع أفلاما سينمائية. وواكب مهرجان القاهرة مهرجان آخر أقرب للثقافة وإن اهتم بالأمور الفنية كثيرا وهو مهرجان القاهرة للكتاب الذي أصبح من أهم المهرجانات الثقافية الذي تقام على هوامشه فعاليات فنية وأدبية مهمة. الثمانينات مهرجان دمشق في بداية الثمانينات الميلادية، لم يظهر في العالم العربي مهرجانات فنية جديدة غير مهرجان دمشق السينمائي الدولي رغم أن سوريا لم تكن تنتج أكثر من فيلم أو فيلمين فقط في العام. وكذلك ظهرت بوادر لمهرجان قرطاج الغنائي بشكل ضعيف واستمر مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الكتاب بينما ظهرت أسماء نابغة في هذه المجالات من أبناء هذه الدول والمهاجرين في أمريكا وغيرها؛ مثل الظاهرة الإخراجية العظيمة.. المخرج العالمي الراحل مصطفى العقاد. التسعينات مهرجانات الأغاني والجنادرية مع بداية التسعينات الميلادية وظهور الفضائيات بكثرة وبروز الفيديو كليب كأغنية درامية مصورة وجذبها للمشاهدين وما استتبع ذلك من قنوات متخصصة في الأغنية التي تديرها شركات فنية كبرى والتي رأت أنه من الأفضل لها استغلال مطربيها في عمل مهرجانات فنية كبرى تملأ بها تلك الفضائيات وتسوق بها لمطربيها فظهرت مهرجانات فنية غنائية كبرى مثل مهرجانات شبكة (أوربت) ومهرجانات راديو وتليفزيون العرب (ايه ار تي) ومهرجانات (إم بي سي) ومهرجانات (روتانا) وظهرت مهرجانات غنائية خاصة بالدول مثل مهرجان الدوحة ومهرجان جرش بالأردن ومهرجان قرطاجبتونس ومهرجان صلالة بعمان، وكذلك مهرجان الإسكندرية السينمائي وبعض المهرجانات السينمائية في المملكة المغربية مثل أغادير ومراكش ثم في تونس (قرطاج) وبجانب مهرجانات السينما قامت مهرجانات المسرح في القاهرة وكذلك مهرجانات خاصة بالمسرح التجريبي شاركت فيها الكثير من الدول العربية الى جانب دول من العالم برمته وكانت فيه مشاركاتنا الخليجية واضحة الملامح بشكل كبير مسرحيا. أما أهم مهرجان ظهر في التسعينات الميلادية وظل يحتفظ برونقه إلى الآن، فهو مهرجان الثقافة والتراث بالمملكة العربية السعودية المعروف باسم (الجنادرية) وهو مهرجان فني ثقافي أدبي تراثي غنائي شامل أصبح له موقع على الخريطة الثقافية العربية باعتباره أكبر المهرجانات العربية الذي يفتتح في الغالب بأوبريت غنائي كبير. العقد الأول من الألفية للسينما مع بداية الألفية الثالثة وبروز مدينة دبي كمدينة عالمية، كان أبرز ما ظهر هو إقامة المؤتمرات والمعارض والمهرجانات، ومعارض الكتب المهمة وأهمها معرض الشارقة للكتاب والبينالي أيضا كذلك في أبوظبيودبي ومنها بالطبع المهرجانات الفنية، خاصة السينمائية مثل مهرجان دبي الذي بدأ كمهرجان عالمي كبير منافس لمهرجان القاهرة ثم ظهر مهرجان أبوظبي السينمائي. وفي القاهرة، ظهرت مهرجانات خاصة بإنتاج الإذاعة والتليفزيون وتبع ذلك الدول الخليجية التي ظهرت فيها مهرجانات خاصة بالإذاعة والتليفزيون كان آخرها في المملكة، وتلك المهرجانات التي برزت أهميتها بعد أن زاد تأثير أجهزة الاتصالات والتواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة، فظهرت في العامين الأخيرين مهرجانات خاصة بسينما الديجيتال وسينما الأفلام القصيرة للهواة وهو الذي يقام في أبوظبي والذي يعتبر المخرج الأسترالي العالمي جون بولسون المؤسس. مسعود: المهرجانات اوصلتنا للعالمية وبدورنا، استثمرنا وجود عدد من كبار نجوم الفن العربي في مهرجان تايكي البحر الميت مؤخرا كان منهم الفنان العربي السوري الكبير غسان مسعود الذي جسد شخصية الصحابي الجليل والخليفة الراشد أبي بكر الصديق في مسلسل (عمر) في رمضان كذلك النجم اللبناني الكبير رفيق علي أحمد والإعلامي الكبير مذيع قناة الميادين وسابقا المختلف زاهي وهبي والفنانة والإذاعية السعودية الكبيرة مريم الغامدي. وعن تلك المهرجانات وجدواها علق النجم السوري غسان مسعود قائلا: إقامة المهرجانات الفنية العربية يعيبر أمرا مهما جدا فهي التي توصلنا للعالمية حيث يحدث التقارب ونقل الثقافات بين الشعوب وعن تجربتي الشخصية اقول إنني رشحت لدور مهم في السينما العالمية من خلال فيلم (مملكة السماء) عبر دور صلاح الدين الأيوبي من خلال رؤية المخرج لين سكوت لي في فيلم من أفلام المهرجانات. إذن تلك المهرجانات مهمة لأنها تبرز الوجوه السينمائية العربية بشكل جيد وأعتقد أن تجربة مثل هذه ستفيد الكثير من الفنانين العرب وظهر ذلك في تجارب لفنانين مثل خالد النبوي وخالد أبو النجا ومحمد كريم ومنذ القديم عمر الشريف وجميل راتب. وهبي: المهرجانات إظهار للإبداع يقول الشاعر والمقدم التليفزيوني والمثقف العربي زاهي وهبي:المهرجانات الفنية العربية فيها اظهار للإبداع العربي فهي تجمع الفنانين والمبدعين العرب من المشرق للمغرب في بوتقة واحدة حيث يتم التعارف والانسجام ككتلة ثقافية واحدة منبثقة من دم واحد وتاريخ مشترك وهم واحد وثقافة تجمعنا في عباءة واحدة، لذلك اقول إن تلك المهرجانات مهمة للتعارف على بقية الانتاج العربي وليس لي عليها أي ماخذ سوى أنها بدأت تكثر بحيث يحتار المبدع إلى أين يتجه ورغم تلك الحيرة إلا أنني أحبذ تلك الحيرة التي تذكرني بأحلى عذاب وهو عذاب الحب للأحباب على رأي الست أم كلثوم. رفيق: المهرجانات لقاء الأشقاء يعلق الفنان اللبناني الكبير ورجل المسرح رفيق على احمد: المهرجانات العربية مهمة جدا لأي فنان عربي خاصة لإذا كان مبدعا ولم يجد له فرصة في بلده فمثلا أنا في لبنان كانت شهرتي على مستوى دول الشام فقط ولكن مع المهرجانات العربية برز اسمي خاصة بعد مسلسل (الزير سالم) الذي جسدت فيه دور كليب ومن بعدها ذهب المسلسل لمهرجانات عربية وعرفوني على مستوى النخبة ثم على مستوى العامة والجماهير العربية بعد ذلك، وليس لي أي تحفظات على تلك المهرجانات وأتمنى زيادتها الغامدي: المهرجانات فرصة للمبدعات وتقول الفنانة السعودية الرائدة مريم الغامدي تعقيبا على فوائد تلك المهرجانات: المهرجانات الفنية العربية فرصة حقيقية للمبدعات العربيات خاصة المبدعات الخليجيات اللاتي يجدت في تلك المهرجانات تعريفا وتواصلا بابداعها قد لا تجده في مكان آخر في بلادها ولكن الحمد لله أن تلك المهرجانات تجيء كاعتراف رسمي بأهمية إبداعاتنا وأشكر بلدي المملكة على اعتماد مهرجان الإذاعة والتليفزيون الذي سيقام قريبا في جدة والذي سيكون من شأنه الإشارة الى أن لدينا إبداعا خاصا بنا ولدينا مبدعون معترف بهم وأتمنى أن تتكاثر هذه المهرجانات وأن يخرج من رحمها ملتقيات وملتقيات، من أهم إيجابيات تلك المهرجانات زيادة التواصل بين المبدعين العرب والشعوب العربية، وهنا لا يفوتني أن أشكر تكريم سعاد العبدالله من خلال مهرجان تايكي في البحر الميت إلى جانب الرائدات في نفس المجال من العالم العربي أمثال جولييت عواد ومنى واصف والقديرة جدا سميحة أيوب.