عاد متنزهو البحر إلى الكورنيش الشمالي بعد غيبة طويلة، بعدما ازدان مشروع الواجهة بمرافق ومساحات خضراء وملاه للصغار ومجالس للكبار . المشهد أمس كان بديعا وأخاذا، حيث رصدت الكاميرا توافد العشرات إلى المنطقة التي أحبوها وافتقدوها قرابة عامين بعدما أغلقت الأمانة طوال تلك الفترة معظم منافذ الدخول إلى البحر لإنجاز المشروع العملاق. فرحة العودة بدت واضحة على وجوه كل الرواد كبارهم وصغارهم، ووجد الأطفال ضالتهم في الهواء النقي والعشب الأخضر، فتفاوتت ألعابهم بين الركض وممارسة رياضة السير فيما كان البعض مشغولا بالشواء. وجه مشرق ولكن غالبية من استطلعتهم «عكاظ» عن مشروع الواجهة البحرية واستبيان رضاهم عنها اتفقوا أن المشروع كبير عملاق يستحق الثناء والتقدير، ولكن بعضهم تحفظوا على بعض المحاور وخدماته، وتركزت انتقادات هؤلاء على ما أسموه قصورا في عمليات التنظيف. غير أن الجميع أجمعوا على ضرورة المشاركة في الحفاظ على الكورنيش والعناية به وعدم العبث بمرافقه. علي أحمد الغانمي يقول: «المشروع رائع ووجه مشرق لعروس البحر جدة، توقعناه أن يكون أكثر جمالا، فالمشروع تنقصه بعض المستلزمات، لاحظت أن بعض الأسلاك الكهربائية عارية ومكشوفة، وهو أمر يدعونا للقلق على صغارنا، كان على الجهة المنفذة للمشروع تغطية الأسلاك وحمايتها لكن يبدو أن العجلة في الإنجاز دفعتهم لإهمال أشياء رأوها صغيرة لا تستحق، لكنها للرواد كبيرة وهامة». في المقابل، يختلف عمر البدوي مع رأي الغانمي ويضيف أنه من السابق لأوانه إصدار حكم على المشروع، لكن الأهم من كل ذلك أن الأهالي سعيدون به، الملاحظة أن الشوارع المؤدية إلى المشروع مليئة بالمطبات الصناعية وبعض مخلفات البناء، ويتساءل عن سر نصب مطبات في طريق حيوي هام بمثل هذا الحجم. ويضيف البدوي أنه تعمد تصوير عمود كهربائي تتدلى أسلاكه ونشرها على موقعه في تويتر . لا محل للنقد على النقيض من ذلك، يرى عبدالرحمن التويجري أن المشروع جيد بكل المقاييس على الرغم من بعض الملاحظات العابرة، ويبدي أمله في استكمال المشروع ومعالجة بعض الملاحظات، ويضيف التويجري: «الكورنيش واجهة مشرقة ومشرفة لجدة، على الرغم من الزحام الكثيف فإن الجميع يتحركون ويتنقلون بحرية، الممرات والمعابر واسعة وآمنة، بإمكان كل مرتاد للبحر أن يجد مكانا له ولأسرته بسهولة، كما أن تخصيص مواقع للمارة وهواة رياضة المشي جعلت المنطقة أكثر حيوية وجمالا». ملاحظات غير هامة خالد عبدالهادي اليامي يقول مبديا ارتياحه عن المشروع: «هل رأيتم جدة بحال كهذا، الجميع في مكان واحد، الصغير والكبير كلهم يستمتع بالجمال وسحر البحر، أصبح لدينا مساحات خضراء، أما من يتحدثون عن أوجه القصور فإنهم يركزون في محاور صغيرة لا تؤثر في عظمة الإنجاز، وأعتقد أن المسؤولين في الأمانة سيعملون على معالجتها في أقرب وقت». ويحث اليامي الجميع على ضرورة المحافظة على مرافق الكورنيش وعدم العبث بها مع ضرورة الالتزام بالتعليمات والإرشادات مثل عدم الشواء في غير الأماكن المخصصة وعدم السباحة في المواقع الممنوعة والحرص على النظافة وعدم إلقاء المخلفات. لا لمشوهي البحر اليامي انتقد سلوك البعض في تشويه المشهد العام بإلقاء المخلفات واللهو في غير المواقع المخصصة للعب، وقال: «إن عمليات الشواء العشوائية تحت الأشجار تهددها بالاحتراق والتلف»، مشيرا إلى أن بقاء المشروع على جماله يعتمد على إرادة وقدرة رواد البحر في المحافظة عليه. لكن عبدالله سعد الغامدي يقول: «بالرغم من جمال الواجهة وسحرها لكن الملاحظ عدم وفرة مواقف كافية للسيارات، كما أن المطبات الصناعية المفرطة أحدثت نوعا من الزحام غير المبرر». دعاية وإعلان وفي رأي مخالف، يقول أسامة أحمد عجاج: «انتظرنا سنتين كاملتين لنرى نتيجة المشروع الذي تحدث الإعلام عنه كثيرا، اعتقدنا أنه سيكون واجهة جميلة، لكنه لا يوازي حجم الدعاية والإعلان المصاحب له». وعلى ذات النسق، ينتقد نواف المري التعجل في إعلان الافتتاح برغم عدم اكتمال كل مرافق المشروع، فالأكشاك مغلقة، لا دورات مياه مفتوحة، والمفتوحة منها غير صالحة للاستخدام. وعبر فيحان البقمي عن سعادته بافتتاح المشروع الكبير، لكنه أبدى ملاحظة هامة تتمثل في عدم وجود مصلى وقلة عدد دورات المياه. محمد وغزال العصيمي (من ذوي الاحتياجات الخاصة) حضرا إلى الكورنيش مبكرا مع عائلتيهما وأبديا إعجابهما بالإنجاز الكبير، لكنهما تحدثا عن عدم وجود مسارات خاصة لفئات المعاقين، وأبديا دهشتهما لعدم انتباه القائمين على المشروع لهذا المحور. تضارب في مواقع التواصل الاجتماعي وحظي مشروع كورنيش جدة بتراسل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي وعبر برامج الهواتف الذكية، فقد أثار سكان جدة جدلا واسعا، حيث تضاربت الآراء حول المشروع، فالبعض منتقد على الدوام ويستغرب التعجل في الافتتاح رغم النقص في الكثير من المرافق المهمة مثل دورات المياه والمطاعم والأكشاك، لكن أغلب المواقع انتقدت سلوك بعض رواد البحر وعبثهم بمرافق الكورنيش، وتحدثوا عن ضرورة المحافظة على المرافق العامة، وأجمعوا على أن الوعي ليس كافيا لدى الأهالي حتى الآن، ولو استمر الوضع كما هو عليه فلن يستمر المشروع جميلا، ولن تصبح واجهة بحرية رائعة ومتنفسا للناس، بل سيصبح إطلال ومرتع للفئران والصراصير . البعض الآخر أعجب بالواجهة وبرر النقص، وقالوا: «المشروع ضخم، لم نكن نحلم بأن تصبح الواجهة بهذا الجمال، الجميع يروح ويغدو، كل يمارس هوايته من غير مضايقات، المكان فسيح وإذا اكتملت الخدمات فسيصبح أجمل مما هو عليه الآن».