من الملاحظ بشدة، وأصبح يؤرق المجتمع، ظاهرة التجمهر في الحوادث. ولعلاج هذه الظاهرة لا بد من الأخذ في الاعتبار عاملين أساسيين هما: عامل الثقافة التي ولدت مثل هذه الظاهرة المبنية على دافع الفضول أو حب الاستطلاع الذي يتولد لدى الإنسان منذ طفولته، حيث تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية الدور الرئيسي في نموه. ويتسبب التجمهر بعرقلة الجهات ذات الاختصاص مما يجعل مهمتها تزداد صعوبة من آليات الدفاع المدني والمرور و الهلال الأحمر وما يترتب عليه من صعوبة الوصول للضحايا، في وقت يكون المصاب محتاجا إلى دقيقة ذهبية أو أقل، وما يشكله من مخاطر على المتجمهرين أنفسهم. العامل الآخر: الردع الذي ربما يتحقق بسن قوانين أشد. فهذه ظاهرة خطيرة وتحتاج فعلا إلى فرض عقوبات صارمة فورية، والعقوبة المالية المتمثلة ب 150 ريالا في حدها الأدنى لا تكفي، ومن الأجدر فرض غرامات أعلى. هذه الظاهرة يصاحبها ظواهر مثيرة للاشمئزاز كالتصوير ونشر مقاطع المصابين والضحايا من خلال التصوير خفية بأجهزة الجوال وتناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما تسببه تلك المقاطع من آثار نفسية عميقة أبعد من محيط الحوادث، كما تسهم إلى حد كبير في ظهور صدمات نفسية. من المضحك والمبكي في نفس الوقت معرفة هؤلاء لأماكن الحوادث من خلال تتبع سيارات وآليات الجهات المختصة بمعاينة مواقع الحوادث، وهي أيضا بدافع الفضول والفراغ، وهناك ما يحصل من بعض السائقين بحجة فتح الطريق وما يتخلله من قطع الإشارات المرورية، بحجة تأمين مسار لها فهذا تصرف خاطئ وخطير جدا. إن المساهمة في التصدي للسلوكيات الخطيرة ومجابهتها واجب حتمي يحتاج إلى شجاعة وحزم أكبر من مخالفة لا تتعدى 150 ريالا ويجب ألا نترك الفرصة للظاهرة أن تكبر وتنمو. فالعامل الأول يجب أن تتعاون فيه عدة جهات، تبدأ من الأسرة والمدرسة من خلال غرس الثقافة المرورية لدى الأطفال منذ الصغر وعمل برامج تثقيف وتعليم عبر وسائل الإعلام المختلفة لقواعد وآداب المرور، والتعريف بأهمية السلامة المرورية، والسلوك الصحيح الذي يجب أن يمارسه مستخدم الطريق، والحفاظ على حق الحياة له وللغير. نحتاج إلى بذل الجهود والتكاتف جميعا مع أجهزة الدولة من خلال الالتزام بالقوانين والتعليمات والأنظمة المتعلقة بالسلامة على الطرقات. محمد الأحمري