عشقوا البحر منذ نعومة أظافرهم، ولم تدفعهم الحاجة إليه، بل ارتبطوا به بمحض إرادتهم، لا سيما أنهم يشغلون وظائف مرموقة في المجتمع، يقضون جزءا كبيرا من وقت فراغهم في مزاولة الصيد على سقالة «ويستون» الشهيرة في جدة، ويجدون في التأمل في لجة البحر الراحة النفسية والابتعاد عن صخب المدينة. وعلى الرغم من المتعة التي يعيشونها في ذلك الموقع، إلا أن لهم العديد من المطالب أبرزها التوسع في تشييد السقالات على الكورنيش الكبير الذي تتحلى به العروس، إضافة إلى السماح لهم بالغوص واستخدام المسدسات في صيد الأسماك، والاهتمام بنظافة الشاطئ الذي يحتضن الكثير من النفايات (على حد قولهم). وبين حامد آل حماد أنه بدأ ممارسة الصيد منذ 16 عاما، معتبرا البحر يعني له ولشباب جدة الكثير، وليس مجرد مكان يستمتعون فيه بقضاء أوقاتهم ويمارسون فيه هواية الصيد. وقال: بل البحر صديقي الذي أبوح إليه بأسراري، أبث إليه همومي، ألقي بجسدي في أحضان أمواجه، ساعات طوال لا أعلم عددها تمر بي أحياناً وأنا ممسك بسنارتي، منتظراً لما يجود به هذا الصديق الذي لم يخذلني يوماً قط حتى الآن، متمنيا زيادة السقالات الموجودة على شاطئ جدة. وأضاف: ليس من المعقول ألا يوجد في هذا الشاطئ الواسع سوى سقالتين لممارسي الصيد، سقالة ويستون التي نحن عليها والسقالة الكورية التي اشتهرت بهذا الاسم نسبة إلى عمال شركة كورية كانوا يمارسون الصيد هناك قبل 19 عاما، ملمحا إلى أن هواة الصيد عددهم كبير، ومنهم من يسكن في أقصى جنوبجدة وهذا المكان بالنسبة لهم بعيد جداً. وأعرب آل حماد عن تدني مستوى النظافة في الشاطئ، ملمحا إلى أن الجلبان والسنانير تنتشر بكثافة أسفل السقالة بأطوال مختلفة، ودائما ما تعيقهم أثناء مزاولتهم الصيد، إذ تعلق سنانيرهم فيها باستمرار. وذكر أنهم دائما ما يجدون فيها أجساما غريبة مثل جنوط سيارات وكراس مكسرة وعلب مشروبات، ملمحا إلى أنهم في إحدى المرات استخرجوا ماكينة خياطة ملقاة أسفل السقالة. وكشف أنهم عثروا على العديد من الأعمال السحرية والتمائم قبل فترة وسلمها أحد الأصدقاء إلى مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إلى ذلك، أفاد رئيس قسم الأمراض النفسية في مستشفى السعودي الالماني الدكتور محمد خالد الذي صادفناه على السقالة يصطاد أنه يعشق البحر منذ أن كان في الثامنة من عمره، مؤكدا أنه يتردد على السقالة لمزاولة الصيد باستمرار. وقال الدكتور خالد: ثبت علميا أن أقل الدول تعرضاً لأمراض الاكتئاب والقلق هي دول جنوب شرق آسيا كالفلبين واندونيسيا وماليزيا لأنهم يعتمدون على المأكولات البحرية بشكل رئيسي، فضلا عن أن هناك أدوية مضادة للاكتئاب مستخرجة من زيت كبد الحوت، لافتا إلى أنه دائما ما ينصح مرضاه بالجلوس على شاطئ البحر ولو ليوم واحد في الأسبوع. وتمنى الدكتور خالد التوسع في تخصيص أماكن لمزاولي الصيد، وتشجيع الشباب على ممارسة الهوايات البحرية، خصوصا أنها تساعد على علاج حالات نفسية كثيرة ومنها الإدمان. بدوره، انتقد طلعت ناظر أحد محبي الصيد بالسنوركل، عدم السماح بالغوص في المنطقة واستخدام المسدسات في الصيد، متسائلا عن الأسباب الحقيقية وراء المنع. وقال: يبررون حظر الغوص في المنطقة بخوفهم علينا من وجود كهوف وتيارات جارفة قوية، بيد أني أتردد على هذه المنطقة ولم اشاهد أياً مما ذكر، معربا عن استيائه من افتقاد السقالة للإضاءة الكافية، ملمحا إلى أن الكشافات الموجودة في بداية الرصيف غير كافية. وشدد ناظر على أهمية مراقبة طرق الصيد، خصوصا التي يستخدم فيها الشبك أو الشوارات، لافتا إلى أنها من أسباب اكتظاظ البحر بالمخلفات والقاذورات. وأضاف: إن الصياد إذا قطعت الشبكة لا يخرجها بل يتركها مكانها مما يجعل السمك يعلق فيها ويموت، كما أن هناك أسماكا نادرة نرجو التنبيه على عدم صيدها أو على الأقل السماح بصيد الكبير منها حتى لا تنقرض. بينما طالب مؤيد عثمان بإعادة النظر في تصميم السقالة، لافتا إلى أنه لم يراع في مساريها الأول والثالث أن تنتهي فوق الكسارة كما هو الوضع في المسار الأوسط. وقال: كما ترى يتزاحم الصيادون على المسار الأوسط لأن المسارين الآخرين ينتهيان قبل الكسارة، ما يجعلهما دون فائدة لمن يرغب في مزاولة الصيد، لافتا إلى أنه يتردد على السقالة منذ أن كانت مصنوعة من الخشب. في المقابل، أكد المتحدث الإعلامي لأمانة محافظة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري أن الخطتين الأولى والثانية من مشروع تطوير كورنيش جدة راعتا جانب توفير أماكن لمحبي هواية صيد الأسماك، مشيرا إلى أن الأمانة تهتم بنظافة الكورنيش وتجتهد ليظهر في أبهى حلله، لافتا إلى أنهم أبرموا عقدا خصيصا لنظافة الكورنيش.