أكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن للحوار مكانة كبرى وآثارا عظمى في الدين الإسلامي، باعتباره وسيلة فاعلة في الدعوة إلى دين الله عز وجل، ولقد حوى القرآن الكريم وهو المعجزة الخالدة إلى يوم الدين كثيرا من أساليب الحوار، بما يناسب عقول الناس، وتباين فهومهم، وتفاوت مداركهم، واختلاف الطبائع والنفوس، فيعلم الجاهل، وينبه الغافل، ويرضي نهم العالم، فالحوار منهج شرعي، وأصل رباني، وفطرة فطر الله الناس عليها، ولكنه «سبحانه» قيدها في إطار موحد، وقانون ممجد، وهو قوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، فكان هذا هو المنطلق الإيماني، والتأصيل الشرعي للحوار الفاعل البناء، ومنهج الرسل والأنبياء عليهم السلام، ثم تبعهم السلف الصالح، ثم التابعون ومن تبعهم بإحسان، حتى أنعم الله تعالى على بلادنا بالملك الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه فجعل الحوار وسيلة عظمى من وسائله الفاعلة في الوحدة والتآلف، والاتحاد والإيلاف، حتى توحدت الجزيرة على يديه بفضل الله تعالى. وقال بمناسبة افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية فيينا: «لقد سار أبناء الملك عبدالعزيز البررة على النهج القويم، واتبعوا صراط الله المستقيم، فأنشأت الدولة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عندما كان وليا للعهد، ليكون قناة فاعلة للتعبير المسؤول، وصاحب الأثر الفاعل في نشر القيم الإنسانية، من خلال الحوار الوطني»، وأضاف «لقد أثمر الزرع ثمارا نضيجة؛ حيث تعمقت الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية، وتم معالجة الكثير من القضايا الوطنية من خلال قنوات الحوار الفكري، وتعميق الخطاب الإسلامي المبني على الوسطية والاعتدال، والتمثل بمحاسن الأقوال والأعمال»، وأكد أن خادم الحرمين الشريفين أتحفنا بتأسيس مركز عالمي للحوار بين أبناء الثقافات المختلفة في فيينا، حيث يهدف إلى نشر القيم الإنسانية، وتعزيز التسامح والتعايش، والسعي إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار لكافة شعوب العالم، معتبرا الحدث علامة فارقة، ووثبة سامقة، ومنارة شاهقة، في العلاقات الحضارية بين الشرق والغرب، حيث يمد جسور التواصل ويقرب وجهات النظر بين أتباع الحضارات والثقافات المختلفة، وقال «المركز المبارك يأتي تتويجا للمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين قبل أكثر من أربع سنوات في مؤتمر القمة الإسلامية بمكةالمكرمة، والذي كان من توصياته إنشاء مركز عالمي للحوار بين أتباع الشرائع والثقافات»، موضحا أن سعي خادم الحرمين الشريفين يسهم في رقي المجتمعات الإنسانية نحو الكماليات التي جاءت بها الرسالات السماوية، وأشار إلى أن مركزا عالميا للحوار في بلاد الغرب يحظى بفكر ودعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين هو رسالة عملية قوية للعالم أجمع، مبينا أن ديننا الحنيف دين الحوار والتفاهم وتقريب وجهات النظر، وليس دين التصادم والعصبية والعداء والعنف، وحضور مئات الشخصيات الدولية افتتاح هذا المركز ليؤكد المكانة الكبيرة التي يحظى بها خادم الحرمين الشريفين، ويبرهن على نظره الثاقب للأمور وفحواها، واستشرافه المشهد العالمي الذي يموج بالخلافات والأزمات وقراءته الواعية للمتغيرات والمستجدات، وهذا هو نهج هذه البلاد المباركة، ودعا السديس الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين من كل سوء ومكروه، وأن يثبته دوما على طريق الخير والحق، وأن يوفقه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يحفظ ولي عهده الأمين وإخوانه وأعوانه، وأن يوفق جميع القائمين على هذا المركز المضيء إلى كل خير وصلاح، وأن يجعل بلاد الحرمين الشريفين منارة شامخة لنصرة الإسلام وقضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والإنسانية جمعاء.