على الرغم من الدراسات الجارية لإعادة النظر في قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة ب 2400 ريال سنويا، إلا أن الجدل لم يتوقف حول طبيعة القرارات التى تتخذها وزارة العمل، وغياب التنسيق بشأنها مع القطاع الخاص، حتى لايعود الضرر منها على المواطن والدولة في النهاية. وفي حين يرى البعض أن القرار لن يؤثر كثيرا على الشركات التى رفعت معدلات التوطين لديها، يرى آخرون أن القرار سيؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع معدل التضخم. يقول الاقتصادي الدكتور عبدالله الشدادي لايمكن لأحد أن يشكك في وطنية وزارة العمل وحرصها على توطين الوظائف بكل السبل، لكن الوصول إلى الهدف لايتحقق من خلال القرارات الفجائية التى تطالع بها الوزارة سوق العمل بشكل أسبوعي أو شهري، داعيا إلى التريث لبعض الوقت، وتقييم القرارات التى تتخذها الوزارة منذ عامين، وعلى أساسها يتم التحرك فيما بعد. وأعرب عن اعتقاده أن المحصلة النهائية لقرارات الوزارة ومنها «حافز» والتأنيث وغيرها كانت دون مستوى التطلعات رغم تأكيد الوزارة على توظيف قرابة 400 ألف سعودي مؤخرا . وأشار إلى أن التحدي الرئيسي لاينبغي أن يكون العدد بقدر نوعية الوظيفة، مشيرا إلى أن غالبية الوظائف لاتزال هامشية ولاتواكب على الإطلاق حجم الإنفاق على التنمية البشرية في المملكة والذى يزيد على 700 مليار ريال في خطط التنمية المختلفة. وقال إن قرار رفع كلفة العمالة الوافدة بمعدل 2400 ريال سنويا، سيؤدي بشكل تلقائي إلى ارتفاع الأسعار، وزيادة عقود المشاريع الحكومية، كما ستكون له انعكاسات سلبية على القطاع الخاص الذى قد يعمد إلى التخلص من بعض العمالة السعودية لمواكبة زيادة النفقات. التوطين الخيار الأول من جهته، اختلف الاقتصادي عبدالرحمن الغامدي مع الرأي السابق وقال رفع كلفة العمالة الوافدة يعد إحدى الوسائل الرئيسية التى أقرها مجلس الوزراء، وخطط التنمية الخمسية لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وجعل الخيار الأول للسعوديين . ودعا القطاع الخاص إلى ضرورة التجاوب مع القرار من منطلقات وطنية، وعدم المبادرة إلى استغلال الأمر لرفع الأسعار، كما يحدث في كل أزمة عند ارتفاع سعر أي سلعة، لافتا في هذا السياق إلى أن رفع كلفة الأعلاف بنسبة بسيطة عالميا كلف المستهلك زيادة في الدجاج قدرها 30 في المئة في الأشهر الأخيرة . وأشار إلى أن القطاع الخاص يحظى بتسهيلات وإعانات كبيرة من جانب الدولة، إلا أنه للأسف لايبحث إلا عن مصالحه الآنية والذاتية الضيقة، محذرا من أن مشكلة البطالة لها أضرار اجتماعية واقتصادية على المدى الطويل مالم يتم التحرك لحلها جذريا. وقال إن تطبيق القرار يوفر أكثر من 10 مليارات ريال لدعم صندوق تنمية الموارد البشرية، وجهود توظيف الشباب العاطل عن العمل، لافتا في هذا السياق إلى ارتفاع تحويلات العمالة الوافدة سنويا إلى أكثر من 100 مليار ريال. وأضاف أن توطين الوظائف قضية وطنية استراتيجية ينبغي التعاون لحلها وليس التصدي لها بهذا الشكل القائم حاليا. من جهته، قال الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة إن أعداد العاطلين عن العمل يفوق المليوني مواطن، على اعتبار أن المستفيدين من حافز وحتى الخامسة والثلاثين بلغوا 1.5 شاب وفتاة، وهو ما يستدعي البحث عن حلول غير تقليدية للمشكلة بعد أن تشبع القطاع الحكومي بأكثر من مليون وظيفة. وقال تكمن المشكلة في تهرب الكثير من رجال الأعمال من توظيف السعوديين بدعوى ضعف الإنتاجية، وعدم الالتزام بالدوام، وتحمل ضغوط العمل، وذلك رغم اختلاف البعض مع هذه المبررات. وأشار إلى أن الشاب السعودي أثبت قدرته على تحمل المسؤوليات، وظروف العمل الصعبة في وظائف دون مستوى طموحه مؤخرا، وبذلك باتت بعض المبررات غير منطقية. ورأى أن الطريق الوحيد لدعم توطين الوظائف هو التأهيل الجيد للشباب للقيام بمهام أعمالهم وليس فرض القرارات، مشيرا في هذا السياق إلى أن هذا الأمر لن يتحقق بدون مراجعة كاملة للمنظومة التعليمية والتدريبية، والحد من التلاعب في مخصصات التدريب عبر صندوق تنمية الموارد البشرية من خلال السعودة الوهمية. ولفت في هذا الصدد إلى أن برنامج حافز كرس في نفوس البعض الاتكالية والكسل رغم أن الهدف الرئيسي منه كان دعم التوظيف والتدريب والتأهيل.