في الأسبوع الماضي، تسنى لي شرف حضور افتتاح معرض (طرق التجارة القديمة) في صالة آرثر إم ساكلر، وهو من متاحف سميثسونيان للفنون الآسيوية في واشنطن العاصمة. ضم المعرض أكثر من 300 قطعة أثرية فنية يدوية يعود تاريخها إلى قرون عديدة، وهو يشكل عرضا رائعا للإرث الغني من الآثار القديمة في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي ساعدني، وساعد الآلاف من المواطنين الأمريكيين الآخرين، من الحصول على فهم أفضل لتاريخ وشعب المملكة العربية السعودية. ويسعدني جدا أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة والآثار، قد أتاح للشعب الأمريكي مشاهدة هذا المعرض في متاحف سميثسونيان، وكذلك للزوار الافتراضيين على الموقع الإلكتروني (RoadsofArabia.com) وبعد العرض الأول في واشنطن، سيسافر المعرض إلى مدن أمريكية رئيسية أخرى، ومن بينها هيوستن، وسان فرانسيسكو، وشيكاغو، وبوسطن، حيث سيتواصل عرضه حتى أوائل عام 2015. ويمكن للتبادل الثقافي أن يتم من خلال العديد من الوسائل والصور مثل المتاحف، والاحتفال بالمناسبات الوطنية، واستكشاف الفنون بوجه عام. ويعزز التبادل الثقافي والتفاهم المتبادل ويشكل قوة هائلة تتجاوز الكثير من الأمور الأخرى، وترسي الأسس لقيام عالم أكثر سلاما. من بين اللحظات التي هي أكثر ما أعتز بها خلال مهمتي كسفير هي تبادل الثقافة الأمريكية مع شعب المملكة العربية السعودية. وبفضل برنامج «الفن في السفارات»، استضفت معرضا للأعمال الفنية الأمريكية، ودعوت فنانين سعوديين شبابا للمشاركة فيه. وفي تعليقها على البرنامج، قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون: إن برنامج الفن في السفارات يثير اهتمام الناس، ويثقفهم، ويربطهم ببعضهم البعض، وبذلك يلعب دوره كسفير وهو دور لا يقل أهمية عن الدور الذي تقوم به الدبلوماسية التقليدية. وفي شهر مايو (أيار) الماضي، استضاف المتحف الوطني في الرياض معرضا ثقافيا بعنوان «من واشنطن إلى الرياض» لأعمال الفنان الراحل الأمريكي العربي الأصل وهبي الحريري، وذلك بالتعاون مع كل من وزارة الثقافة والإعلام السعودية والسفارة الأمريكية في الرياض. وقد شكل موضوع الفن والثقافة محور بعض أحاديثي الأكثر إثارة للاهتمام مع السعوديين، خاصة الشباب. يشكل السفر أيضا قوة ذات شأن في التفاهم الثقافي. فخلال رحلاتي المتكررة عبر أنحاء المملكة العربية السعودية، تعرفت على التنوع القائم في المشهد الثقافي السعودي. وخلال رحلة قمت بها مؤخرا، سنحت لي الفرصة للتجول في متحف حائل، ودهشت لرؤية عروض النقوش الصخرية وغيرها من التحف اليدوية القديمة. وإنني أتقدم بالتهنئة إلى صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة حائل؛ لاحتفائه بتراث حائل الثقافي، وأشكره على استضافته لي خلال هذه الزيارة. وفي حين أننا نقدر قوة التبادل الثقافي في تعزيز التفاهم الدولي، لكننا ندرك أيضا قوة الثقافة في توحيد الناس، وتشكيل هوية وطنية مشتركة. سألني أحد زوار سفارتنا مؤخرا، ما هي أفضل طريقة لفهم المملكة العربية السعودية على حقيقتها؟ فأجبته أن عليه زيارة مهرجان الجنادرية، لأنه يشكل صورة عن التنوع في المملكة العربية السعودية بفضل عروضه الثقافية المستقاة من مختلف أنحاء المملكة، كما أنه يمثل رمزا قويا لكيفية تمكن شعب المملكة العربية السعودية من التوحد لتشكيل دولة موحدة تحت راية واحدة، والاحتفاء بهذا التنوع كمصدر قوة. في الولاياتالمتحدة يعتبر يوم الاستقلال (اليوم الوطني) أفضل الأعياد. ففيه تجتمع الأسر والمجتمعات الأهلية سوية للاحتفال بتأسيس بلادنا. وكانت الاحتفالات تتضمن مباريات البيسبول، والرحلات لتناول الطعام في الهواء الطلق، وعروض الألعاب النارية، كما أننا نجتمع سوية كمجتمع أهلي واحد للتأمل في تاريخنا المشترك والاعتزاز بالمثل العليا لبلدنا. ومنذ وصولي إلى المملكة العربية السعودية، شكلت احتفالات اليوم الوطني السعودي، المترافقة مع التلويح بالأعلام، وعروض الشباب السعودي المتحمس، بمثابة تذكير حميم لنا بعيد الاستقلال لدينا. ومن المثير حقا للإعجاب أن نرى كيف أن اليوم الوطني السعودي، الذي أصبح عطلة رسمية في عام 2005، قد تحول بسرعة إلى مصدر للفخر والاعتزاز لدى السعوديين. لقد قامت الهيئة السعودية للسياحة والآثار بجهود رائعة للمحافظة على التراث الثقافي في المملكة العربية السعودية، وللترويج للسياحة. وإنني أشجع كل من يزور السفارة الأمريكية في الرياض أن يقوم بجولة في المتحف الوطني في الرياض، الذي يشكل كنزا حقيقيا للمملكة العربية السعودية. كما أدعو أصدقائي السعوديين لزيارة متاحف معهد سميثسونيان افتراضيا من خلال الكمبيوتر، أو شخصيا خلال رحلتكم القادمة إلى الولاياتالمتحدة. لقد تأسس معهد سميثسونيان القائم في واشنطن في عام 1846، وتديره الحكومة الأمريكية، وهو يضم 19 متحفا مختلفا وتسعة مراكز أبحاث في واشنطن العاصمة. وكطيار سابق في سلاح الجو الأمريكي، أشعر دائما بالدهشة عندما أزور المتحف القومي للجو والفضاء، الذي يشكل جزءا من عائلة متاحف سميثسونيان. اسمحوا لي أن أختتم كلمتي بهذه العبارات البليغة لميشيل أوباما: الفنون والعلوم الإنسانية تحدد هويتنا كشعب -هذه هي قوتها- لتذكيرنا بما يتعين على كل واحد منا تقديمه، وبما نملكه جميعا بصورة مشتركة من أجل مساعدتنا على فهم تاريخنا وتصور مستقبلنا، ولأجل منحنا الأمل في لحظات الكفاح، وجمع صفوفنا سوية عندما يفشل كل شيء آخر. سوف تستمر حكومتنا وسفارتنا في الرياض في العمل على تعزيز الفهم الأفضل للولايات المتحدة وشعبها من خلال التبادل الثقافي. وإنني أشجع الناس على متابعة أعمال سفارتنا على موقع تويتر (@USEmbassyRiyadh) وموقع الفيسبوك (USEmbassyRiyadh)، حيث نقوم بانتظام بنشر المعلومات حول الولاياتالمتحدة والفرص المتوفرة للسعوديين في تجربة الثقافة الأمريكية من خلال الفعاليات التي ننظمها وفرص التبادل الثقافي التي نوفرها. * السفير الأمريكي في المملكة.