يجرجر آلامه وآماله بين البنوك التي يحلم بأن تفك أزمته المالية الخانقة ليكتشف في النهاية أن كلها في (الخنق) واحد. صاحبنا الذي سنرمز لاسمه بالحرف (ص) رمزا للصبر أو الصدمة أو الصدق في المعاملة في زمن المخاتلة والالتفاف يعتقد أن الفرق بين السيولة التي سيحصل عليها من البنوك تختلف عما سيحصل عليه من الأفراد بمختلف مسميات أنشطتهم وطرق تمويلهم وذلك بوضوح الأنظمة ومعقولية هامش الربح، ومعرفة ماله وما عليه مسبقا. لذلك كان يبتسم بسعادة، وموظف البنك يسلمه مجموعة من الأوراق ويفرزها أمامه بشكل سريع واعتيادية واضحة: وقِع هنا .. وقِع هنا .. وقِع هنا .. يتساءل ببراءة بعد جملة (التوقيعات) هذه عنها، فيرد الموظف بشكل آلي: إجراءات روتينية!. بعد أن يجف حبر التوقيعات، وتطوى الأوراق، ويأتي التنفيذ الفعلي، يكتشف أن عليه استحقاقات والتزامات لم يعلم عنها فضلا عن أن يوافق عليها، وبمجرد أن يعترض يواجهه موظف البنك بالتوقيع المشهود: (هذا توقيعك وإلا لا ؟).. صاحبنا (ص) بعد أن شرب من الكأس، حملني رسالتين: الأولى / لمؤسسة النقد: بأن تلزم موظفي البنوك بإفهام المقترض بتفاصيل العقد وما يترب عليه وألا تستغل حاجته في تمرير بعض البنود المجحفة. الثانية / للمقترض: بأن لا ينتظر نتيجة من الرسالة الأولى ولا يحلم بذلك، وأن يدرك أن التوقيع السريع يعتبر إيقاعا بطيئا به، وأن عليه أن يقرأ كل كلمة بتمعن وتدقيق، وألا يأخذ الأمور بالعموميات فالشيطان يكمن في التفاصيل.. هذا ما تقوله الحكمة العالمية، ويؤكده واقع البنوك المحلية.