لم تعد اشتراطات القروض التي يقدمها البنك السعودي للتسليف والادخار مواكبة للأهداف التي أنشئ من أجلها، حيث إن المبالغ المقدمة لا يمكن أن تحد من الصعوبات المالية التي يواجهها الكثير، والتي لا تتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة، وكذلك تكاليف متطلبات الحياة. وباتت إعادة صياغة شروط بنك التسليف بما ينفع المستفيد ضرورة ملحة، كما أنه من المهم رفع قيمة هذه القروض، وزيادة سنوات السداد، مع تقليص قيمة الأقساط الشهرية، وكذلك تشجيع المقترض على السداد المبكر في حال جرى تحسن أو طرأ تغير على وضعه الاقتصادي جراء إفادته من القرض. "الرياض" تطرح الموضوع، وتلتقي المواطنين والمختصين، فكان هذا التحقيق. المطلوب: رفع الحد المتاح وزيادة سنوات السداد وتقليص قيمة الأقساط الشهرية قرض مساند في البداية قال "بندر الصاعدي" -موظف حكومي-: إنه من المهم استحداث قرض مساند للمقترضين من البنوك التجارية أو الجهات الأخرى، حتى يساهم في سداد مديونياتهم، وكذلك إتمام احتياجاتهم الضرورية، مضيفاً أنه اقترض مبلغاً مالياً من أحد المصارف وهو بحاجة لمبلغ إضافي لا يتجاوز(150) ألف ريال، حتى يتمكن من بناء منزل يؤويه وأسرته، بدلاً من الانتظار في الصف الطويل للبنك العقاري، مؤكداً على أن هذا المقترح في حال إقراره سيسهم في دفع عملية البناء وتقليص أعداد المتقدمين من البنك العقاري، بل وسيفسح المجال لمن هم أكثر حاجة، كما أنه سيساعد في عدم وصول المدين لوضع حرج قد يطاله وأسرته جراء عدم تمكنه من استكمال أقساطه الشهرية، أو دفع أجرة منزله، أو تكاليف علاجه، أو أحد أفراد أسرته، أو غير ذلك من المتطلبات التي باتت اليوم ضرورة ملحة. بندر الصاعدي متحدثاً ل «الرياض» اما بنك التسليف اشتراطات ومراجعات وأوضحت "أم فيصل الحربي" -مطلقة- أنها اضطرت للاستدانة من بنك التسليف لترميم منزلها، إلاّ أن الاشتراطات التي طلبها البنك قاسمتها المبلغ الزهيد الذي لا يتجاوز (30) ألف ريال، مضيفةً أنها دفعت مبلغ (1800) ريال لأحد المكاتب الهندسية، وذلك لإعداد تقرير للبلدية يتضمن تخطيطاً للموقع، وصوراً للمنزل يثبت حاجته للترميم، ثم دخلت معاملتها الورقية أروقة الأمانة ثم فرع البلدية الخاص بالحي، ثم انتظار أطول وأطول إلى خروج "المسّاح" ومعاينته للموقع، مشيرةً إلى أنها استنفدت هذه المراجعات ثلاثة أشهر، بعد ذلك بدأت معاملة أخرى مع بنك التسليف استمرت لأكثر من عام ونصف، انتهت بإلزامها بإحضار كفيل بمواصفات واشتراطات لم تتوافر ببعض المحيطين بها من الأقرباء الموظفين في القطاع الحكومي أو الخاص، كون الكثير منهم قد كفل أكثر من شخص، أو تقدم بقرض لنفسه، مؤكدةً على أن البنك يمنع تعدد الكفالات، مشيرةً إلى أن البعض يعمل في التجارة الحرة بسجلات تجارية، إلاّ أن البنك يشترط أن يكون لدى مؤسسته عدد لا يقل عن (50) موظفا!. فيصل الحسيني وأضافت أن المبلغ لم يكف لمواد البناء، فضلاً عن أجرة العمالة، مبينةً أنها اضطرت أن تستدين من بعض قريباتها حتى تتمكن من استيفاء العمل بالكلية، مشددةً على أهمية إعادة صياغة الاشتراطات، ورفع حد القروض إلى مبالغ لا تقل عن (80) ألف ريال، مع تمديد فترة السداد إلى (10) أعوام أو أكثر. سعود الحجيلي رفع الحد وطالب "فيصل بخيت الحسيني" -معلم- برفع الحد المطلوب للمرتب الشهري من ثمانية آلاف إلى (12) ألف ريال، أو إلغاء هذا الشرط، مؤكداً على أنه لن يُقدم على الاقتراض إلاّ شخص محتاج جداًّ، لاسيما الموظف الذي لا يمكنه المراوغة والتهرب من السداد، متعجباً من ارتفاع الأسعار، وكذلك الغلاء الكبير لكل شيء سواء المواد الغذائية أو الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، أو حتى البناء!. وقال "عبدالله الجهني" -موظف حكومي-: إن إلزام الكفيل بالتوقيع على سند يُحمّله سداد القرض في حال التعثر يضعه في حرج شديد، مطالباً بإلغاء نظام الكفالة، ودراسة حالة المتقدم للقرض من جميع النواحي، مطالباً بمساهمة الجمعيات الخيرية في السداد إذا اتضح حاجته الماسة، بدلا من العمل التقليدي لبعضها والذي لا يتجاوز تمويل الأسر الفقيرة بالأكل والشرب والملبس، مقترحاً أن يكون هناك تعاون بين البنك والجمعيات يتم من خلالها تزويدها بالمشمولين برعايتها؛ ليكون الكافل لهم هو الجمعية، كون الفقير والمدين هم ممن تجب عليهم الزكاة، كما أنه ضمن الأصناف الثمانية "الغارمين" الذين هم بحاجة لسداد ديونهم، لاسيما إذا كانت في أشياء أساسية لا يستغنى عنها كترميم المنزل أو تزويج الأبناء. مراجعون داخل البنك يتطلعون إلى إعادة صياغة شروط القروض دراسة الحالة وطالب "محمد يوسف" بإلغاء شرط إلزام المقترض بإمضاء ثلاث سنوات حتى يتمكن من التقديم على قرض جديد، متسائلاً عن الفائدة من هذا الشرط الذي منع الكثيرين من المستحقين الإفادة من القروض والتوجه إلى جهات تجارية تحملهم ديوناً باهظة تفوق أحياناً قدرتهم على السداد، مناشداً المسؤولين أن تكون الشروط واقعية تصب في مصلحة المواطن والمواطنة بدلاً من وضع قيود لا شروط -حسب قوله- تزيد الفقير فقراً والمحتاج احتياجاً. وأوضحت "مريم الجهني" أنه من المهم إلغاء شرط السجل التجاري والاستعاضة بدراسة الحالة وتقييم المنشأة التجارية، لافتةً إلى أن لديها محل متواضع جداًّ لا يزيد دخله الشهري عن (1500) ريال، وهذا ما جعل البنك يمانع من تقديم قرض اجتماعي لها، مبينةً أنها اضطرت إلى الاستدانة من بعض الأقارب لحاجتها الماسة جداًّ لإجراء بعض الإصلاحات في المنزل، وقد وقعت في حرج شديد بسبب ذلك. تخصيص مستشارين أما "فهد المطيري" فقد حصل على قرض لشراء مُعدّة ثقيلة، عمل عليها إلاّ أنه ولقلة خبرته عانى من كثرة أعطالها، وعدم الإفادة منها، بعد أن استنفدت كل ما تحصل عليه من مبالغ، بسبب كثرة ترددها على الصيانة وتبديل القطع، حتى وصل إلى الحد الذي لا يستطيع معه دفع القسط الشهري، ليحاول إعادة المُعدّة إلاّ أن البنك رفض تسلمها، فلم يكن منه سوى بيعها للوفاء بجزء من المبلغ، وعدم إحراج كفيله، مناشداً مسؤولي البنك تخصيص مستشارين لمتابعة أصحاب التمويل، مع تقديم المشورة الصائبة لهم، بدلاً من الاستماع لمن لا يملك الخبرة الكافية. وأوضح "سعد الرشيدي" أنه تقدم لقرض اجتماعي، إلاّ أن طلبه رُفض؛ لأن أفراد أسرته لا يتجاوز الثلاثة والبنك يشترط أن يكونوا أربعة، متعجباً من وجود اشتراطات تحد من الإفادة من القروض، منها اشتراط العمر (30) عاماً، أو أن يمضي ثماني سنوات إذا لم يرزق بأبناء، وغيرها من الشروط التي أصبحت عثرة أمام شريحة واسعة من المجتمع، هم بأمس الحاجة للدعم والمساعدة والمساندة، لتجاوز أزماتهم المالية وإدارة حياتهم الاقتصادية، بل والعبور بأسرهم إلى بر الأمان دون منغصات. ضرورة ملحة وقال "سعود بن عواد الحجيلي" -خبير قانوني واقتصادي-: إن إعادة صياغة شروط بنك التسليف بما ينفع المستفيد بات اليوم ضرورة ملحة، أمّا الأكثر إلحاحاً فهو رفع قيمة هذه القروض، وزيادة سنوات السداد، مع تقليص قيمة الأقساط الشهرية، وكذلك تشجيع المقترض على السداد المبكر في حال جرى تحسن أو طرأ تغير على وضعه الاقتصادي جراء إفادته من القرض، مضيفاً أن مبالغ القروض الزهيدة سرعان ما تتبدد دون أن يكون لها أثر واضح في تحسين أحوال المقترض أو المقترضة، مشيداً بتبني البنك لبرنامج "مسارات" الخاص بتمويل المشروعات، والدفع بالشباب من الجنسين نحو تحقيق أحلامهم، بعد إضافة مساري التميز والاختراع للمسارين السابقين؛ "المشروعات الناشئة"، و"الأجرة والنقل الفردي". وأكد على أن البنك ورغم الأرقام المناسبة للقرض في هذا المسار، إلاّ أنه يعود ليضع عراقيل تحد من الإفادة من القرض؛ وفي مقدمتها رهن عقارات أو مساكن أو ممتلكات إضافة لأصول المشروع، وهذا ما سبّب إحباطاً كبيراً للمبتكرين، لاسيما ممن لا يمتلكون عقارات أو ممتلكات تفي بهذه المتطلبات، متسائلاً: لماذا يقتصر مفهوم الابتكار عند البنك على الأثرياء أو ملاك العقارات؟ أليس الابتكار مشاعاً بين الأفراد؟ حيث إن كثيراً من الاختراعات كانت لفقراء انطلقت من أذهانهم عنها فغيّروا مجرى التاريخ والحضارة.