فارقت الحياة الروح الزكية المعطرة بحفظ كتاب الله الكريم وتلاوته، بمحافظة بيشة، الحافظة خزماء العويض بعد عمر ناهز المائة والعشرين عاما تقريبا افنته في تعليم القرآن الكريم لبنات بيشة قراءة وحفظا بدون كتابة في شبابها وقوتها. وكما ذكرت لنا احدى قريباتها أن موتتها كانت طبيعية جدا وسهلة وذلك بعد أن كانت مجتمعة ليلا بأبنائها واحفادها في احدى الاستراحات الخاصة بهم وفي العصر كانت تراودها ذكرياتها الجميلة فطلبت من حفيدها لبنتها أن يذهب بها لزيارة اماكن برية كانت تخيم فيها ايام قوتها وشبابها وهي «طبق وصدعان» وزارتها وحدثتهم وقتها عن ذكرياتها في تلك الاماكن، مؤكدا أنها لم تكرم ولو بشهادة رمزية او شهادة شكر وتقدير وعرفان. وقالت خزماء العويض في حديث سابق لها: كنت اول حافظة ومتعلمة لكتاب الله الكريم في بيشة، وأن الكتاتيب تم تأسيسها في بيشة على يد الشيخ القرعاوي، وشيخ شمل قحطان ابن شلفوت القحطاني رحمهما الله، وذلك حينما كان عبدالرحمن بن ثنيان اميرا على بيشة، حيث تعلمنا القرآن الكريم على يد الشيخ المعلم عبدالله حسن، وبإشراف القاضي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن عتيق. وتناقل عدد من النساء بعض أحاديث خزماء، وأنها لم تقرأ كتابا غير القرآن الكريم، وتعرف الكتابة. وان الفتيان كانوا يتعلمون في المسجد، اما الفتيات في الخلوة وهي جزء معزول بالمسجد كالغرفة يصلي فيه الرجال أوقات الشتاء والامطار. واسترجع عدد من النساء قولها: «ان الفتيات كن ينادين الشيخ معلم القرآن ب(جدنا) وكانت الدراسة في الصباح، اما في يوم الجمعة فقد كنا نهدي (المعلم) هدايا تتمثل في القهوة والعود والحطب نظير تعليمه لنا. واذا ختم احدنا القرآن الكريم تحتفي اسرته بذلك، وتذبح الولائم وتقام العرضة ويحمله الناس وهم يرددون (يا مربحك يا خاتم القرآن تستاهل الجنة مع الغفران)». واضافت انها في زمانها لم يتعلم القرآن من النساء سواها واخرى تدعى غلباء ناصر عبود. وبدأت خزماء العويض تعليم الفتيات القرآن الكريم في منزلها الشعبي حين كانت غرفة الدراسة عبارة عن ممر ضيق، وكان عدد الطالبات حوالى 35 طالبة، والغريب في الأمر أنها لم تعلم بناتها القرآن الكريم لأنهن مشغولات بمهمة رعي الأغنام، وكان راتبها عبارة عن تمر وبر.