نتفق جلنا على أن هناك إشكالية في صناعة السياحة في المملكة، وما زلنا نراوح بنفس المكان منذ فتره طويلة، ونستخدم مسكنات لا حلول جذرية، ونلقي باللوم على الهيئة العامة للسياحة والآثار، ونطالبها بتحقيق إنجازات ملموسة. ما دفعني إلى هذه المقدمة مقارنة هيكلية القطاع السياحي في إمارة أبوظبي بالتجربة السعودية. فخلال الزيارة التي دعيت لها ضمن وفد سعودي بتنظيم الهيئة العامة للسياحة والآثار للاطلاع على تجربة إمارة أبو ظبي التي شهدت في السنوات القليلة الماضية نقلة نوعية في التنمية السياحية ولمسناها على أرض الواقع من خلال زيارة مواقع متنوعة في الإمارة، وكيف أنه خلال فترة بسيطة تم تطويرها وأصبحت جاذبة للسائح المحلي والخارجي. ليس هذا فقط، بل لديها رؤية واضحة وأهداف مميزة تسعى إلى تحقيقها من خلال فرق عمل قادرة ومنظمة. وفي تقديري يكمن سر النجاح في العمل التكاملي مابين جميع القطاعات لهدف واحد وهو صناعة اسم إمارة أبوظبي كجهة مستهدفة لسياحة النخبة. وقامت هيئة سياحة أبوظبي بإنشاء شركة بفكر وإدارة القطاع الخاص لتعمل على تطوير السياحة (شركة التطوير والاستثمار السياحي ) وتفرغت الهيئة لوضع الاستراتيجيات والتنظيم Regulator . في تجربتنا المحلية ما زالت السياحة غير مرضية، فالهيئة لا تستطيع أن تنهض بالسياحة السعودية في ظل محدودية صلاحياتها وضعف ميزانيتها. واستخدمت مخرجا ذكيا باستحداث مجالس التنمية السياحية في المناطق لتقوم على تحقيق أهدافها .. ولكن على أرض الواقع لم تحقق هذه المجالس المأمول منها، ولم نشهد إنجازا ملموسا للتجربة. وبقي الهدف لدى الجهات الحكومية المعنية (الغرف التجارية الأمانات هيئة السياحة في المناطق ) البروز الإعلامي وليس العمل التكاملي، بل من الممكن تقوض نجاح جهة أخرى إذا لم تجد لدورها تغطية إعلامية بارزة. وهنا يكمن الخلل؛ فالهدف أصبح فرديا وليس صناعة اسم المحافظة التي ينتمون لها . وهذا سبب بدون أدنى شك لتقويض التطور والتنمية في شتى القطاعات. فنحن أحوج ما نكون الآن إلى دعم وتيرة التطوير للقطاع السياحي بصلاحيات تنفيذية أوسع ولوائح صريحة وواضحة (نافذة) للهيئة العامة للسياجة والآثار. ويتم دعمها ماليا من وزارة المالية، ودعم المشاريع التي تقترحها لتضمن بميزانيات الأمانات وتتابع هي آلية تشغيلها .. فالسياحة كنز مفقود وعلينا أن نجده. * رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات [email protected]