قبل أكثر من شهر، تطرقت في مقالين إلى مشكلة ارتفاع الإيجارات في المملكة إلى أكثر من 130 % خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، وأجدني اليوم راغبا في العودة إلى نفس الموضوع للتعليق على بعض الاتصالات الهاتفية التى تلقيتها حول الموضوع. وفي البداية يمكننى القول إن غالبية الاتصالات كان يغلب عليها الغضب من الارتفاعات غير المبررة في الإيجارات، لاسيما في العمائر المقامة منذ 20 عاما وأكثر، وذلك بسبب وقوف غالبية الجهات المعنية موقف المتفرج منها بدعوى العرض والطلب، وفي مقابل ذلك رأى البعض الآخر أن أسعار الإيجارات مرشحة للانخفاض مع المشاريع الإسكانية التى كثر الحديث عنها وبدء العمل قريبا بأنظمة الرهن والتمويل العقاري. ومن بين المقترحات التى تلقيتها ضرورة وجود آلية محددة لتقنين الارتفاعات السنوية في الإيجارات وأن يتم إقرار ذلك قانونيا، ليكون المستأجر على بينة بالمطلوب منه كل عام بدلا من ترك الأمر لهوى المالك وأن ترتبط نسبة الزيادة بالموقع وعمر المبنى وحالته العامة، ويمكن الاستعانة في ذلك بلجان مختصة تكون قراراتها ملزمة للطرفين. وفيما يتعلق بأداء القطاع الحكومى في معالجة الأزمة، رأى متصلون كثر أن وزارة الإسكان مازالت بعيدة عن هموم القطاع الحقيقية منذ عامين، بعد أن اكتفت بإقرار الاستراتيجيات والرؤى التى لا تنعكس على السوق. ويتساءل هؤلاء عن الإضافة التى قدمتها الوزارة للقطاع ويقولون إن السوق لم يشهد هذه الطفرة الكبيرة في الإيجارات إلا بعد تأسيس الوزارة. وتنوعت الآراء أيضا فيما يتعلق بأداء البلديات، وإن اتفق كثيرون على أهمية السماح لشركات مقاولات كبرى من كافة دول العالم للدخول إلى السوق لتنفيذ مشروع ال 500 ألف وحدة سكنية طالما أن التمويل والأرض متوفران. وقال أصحاب هذا الرأى أن غالبية الشركات العقارية الوطنية لا تتمتع بالقدرات التى تؤهلها لبناء مدن سكنية في الضواحى بأسعار معتدلة لذوى الدخل المحدود، ولهذا فإن الحل يمكن في السماح بدخول مستثمرين أقوياء لديهم الخبرات الواسعة في هذا المجال. وفي اعتقادي أنه مهما تنوعت الآراء، فإنه ينبغى الإقرار بضرورة البدء سريعا وتجاوز الروتين الحكومي المعتاد، والسماح بتعدد أدوار المباني وإنشاء هيئة عليا لتنظيم قطاع العقار الذى من المتوقع أن يشهد طفرة كبيرة مع بدء العمل بأنظمة التمويل والرهن الجديدة. ولا شك أن شروع قطاعات الدولة المختلفة في بناء وحدات سكنية لموظفيها تسدد من الراتب الشهرى ونهاية الخدمة يمكن أن يمثل بداية جيدة لتحقيق انفراج في ملف الإسكان المتعثر لأسباب غير منطقية منذ سنوات.. * رئيس طائفة العقار في جدة