تناولت الفنانة التشكيلية السورية نورا قابل الأحداث المأساوية في بلدها (سوريا) باللون والفرشاة، وأسقطت دمعاتها على لوحاتها حزنا وألما على ما يصيب الأبرياء من رجال ونساء وأطفال ليس لهم أي ذنب في أجندة سياسية، أو غيرها، وذلك بتغلغلها في دواخل النفس البشرية للأم السورية التي بين الفينة والأخرى تفقد أحد أطفالها وتراه أمامها ملطخا بالدماء. أتقنت نورا قابل تشخيص واقع سوريا باللون والفرشاة، ربما لعدة اعتبارات من أهمها أنها حاصلة على درجة الماجستير في علم النفس، إضافة إلى ارتقاء فكرها الثقافي والأدبي، حيث أهلها لأن تواكب تلك الأحداث بسيكولوجية فنان احترف الفن مهنة وكرسه للقضايا الاجتماعية في محيطها البيئي والاجتماعي. ألوان قابل تعطي المتلقي إيحاء بأن الزمان والمكان قد تغيرا فجأة، انتقلا من المحبة والسلام والتسامح إلى ثقافة السلاح والقتل، أي جيل يتحمل ذلك، وأي فكر يقر بما نشاهده عبر وسائل الإعلام من قتل وتدمير، نورا في لوحاتها لم تتطرق إلى السياسة بقدر ما أوحت للمتلقي في ألوانها وتفاصيل لوحاتها بما يعانيه الأمهات والأطفال من تعنيف نفسي واجتماعي، ربما يتطلب علاجه عشرات السنين، فتحولت اهتمامات الأطفال من مجرد لعبة يقتنونها ويلهون ويلعبون بها إلى مشاهدة تلك الصراعات الدائرة على الأرض السورية. طالبت الفنانة المجتمع الدولي ككل بألوانها الاستغاثية أن ينقذوا الطفل السوري من الخطر الحقيقي، حيث إنه أخطر المتأثرين بالأزمة السورية، وقد تتحول مأساتهم إلى مأساة اجتماعية نفسية. وأكدت في أعمالها أن تفصل السياسة عن أرواح الأبرياء، وأن يكون هناك طرح عقلاني، سواء أكان في التظاهر أو في الحفاظ على السلطة، جسدت قابل المفهوم الحقيقي للفنون، وأكدت على دور الفن في الحياة، فهو رسالة سامية تحمل فكرا ثقافيا وهما فنيا يخرج من إحساس فنان على اللوحة ليؤثر في المشهد وليقدم دورا بارزا وحيويا في الحياة الاجتماعية. قدمت الفنانة عبر خطوطها المنحنية وألوانها الأكثر خجلا من ذلك الوضع المأساوي نماذج وعناصر فنية بأسلوب التجريد المباشر، نجحت في إسقاط تلك الألوان الأكثر سوداوية على زوايا اللوحة لتعطي المتلقي قلقا وخوفا على مستقبل أمة كاملة، كما راعت الفنانة ذلك الشعور الفياض من قلب الأم ومن فكر الإنسانية بشكل عام على تلك الأحداث إنها نظرة فنية من فنانة اقترنت ثقافتها وفكرها بمهنيتها في الطرح، فباتت لوحاتها تمثل حقبة تاريخية لزمن تتمنى الفنانة أن لا يعود، وأن يصبح في القريب ذكرى وأن تنتهي تلك المحنة التي وصفتها الفنانة في لوحتها بأنها كالحلم المزعج الذي تتمنى أن يستيقظ العالم منه قريبا ليعم السلام والأمن والأمان على سوريا التي وصفتها الفنانة بأنها عشقها الأبدي ومسقط رأسها التي تفتخر دوما وأبدا بانها سورية عاشت وتربت على أرضها. نورا قابل إحدى الفنانات التشكيليات السوريات المقيمات في المملكة، تشكيلية ومصممة أزياء، حاصلة على درجة الماجستير في علم النفس، متفرغة للفن منذ 2008، قدمت عدة معارض تشكيلية من أهمها «اللون بين النفس والواقع» في الأردن ومعرض «ضجيج الصمت» في جدة، شاركت في الملتقى الدولي للفنانين التشكيلين بشرم الشيخ في دورته الرابعة، وملتقى (ايدن) للفنون في دورته الثانية(أزمير) تركيا وملتقى (فاس) الدولي للفنون في دورته التاسعة (المغرب)، بالإضافة إلى مشاركتها في بينالي الثقافة والفنون في دورته الثانية (القاهرة) وسمبوزيوم (باكو) للفنون والموسيقى (أذربيجان) ضمن احتفاليات «الميدين تاور» وسمبوزيوم (اهدن) الدولي للرسم والنحت (لبنان)2012، كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية في المملكة وفي دول عربية، وحصلت على العديد من الجوائز المحلية والعربية.