وصف عدد من أهالي حيي السنابل والأجاويد (جنوب شرق جدة) بأنهما «غير صالحين للسكن»، على الرغم من أنهم أنفقوا ملايين الريالات لتشييد مساكنهم فيها، لافتين إلى أنه لو عاد بهم الزمن للوراء لما أقدموا على تلك الخطوة. وبينوا أن المستنقعات الراكدة في شوارع الحي تصدر لهم الأوبئة والحشرات، في حين تعمل المياه الجوفية على تصدع أساسات منازلهم وتهددها بالسقوط، مطالبين بإيجاد حل لمعاناتهم التي تفاقمت منذ اندلاع كارثة سيول جدة قبل نحو ثلاث سنوات. وذكر سالم العامر أنهم يعانون في حي السنابل من انتشار الحفر الوعائية جوار منازلهم من أعوام عدة، ملمحا إلى أنها تتحول وقت هطول الأمطار إلى مستنقعات تصدر لهم الحشرات والأوبئة. وشكا من أن الحفر الواقعة بالقرب منهم لا تزال تحتوي على كميات كبيرة من المياه، لم تتمكن الأرض من امتصاصها لأنها متشبعة بالمياه الجوفية أساسا، منتقدا تأخر أمانة جدة وشركة المياه الوطنية في إيجاد الحلول المناسبة للحفر الوعائية الممتلئة بالمياه الراكدة، على الرغم من الشكاوى المتعددة التي قدمها السكان للجهتين. إلى ذلك، أكد ناصر الحربي أن العديد من المستأجرين في العمارة السكنية التي يمتلكها انتقلوا لأحياء أخرى، والبعض الآخر هدد بالانتقال، ما اضطره إلى تخفيض الإيجار السنوي بما يعادل 25 % مقارنة بالعمائر السكنية الواقعة في الأحياء المجاورة لهم، مشيرا إلى أن ذلك كبده خسائر مالية فادحة. وقال: «ما إن تغرب الشمس حتى تنتشر أسراب البعوض داخل الحي بشكل كبير، ما يهدد بظهور العديد من الأمراض الوبائية الخطرة بين السكان، الذين لم يجدوا حلا لمواجهة لسعات البعوض إلا باستخدام المبيدات الحشرية المركزة». بدوره، أرجع سالم المطرفي انتشار المياه الراكدة في أروقة الحي إلى تقاعس الجهات المختصة وارتفاع مياه الصرف الصحي، ملمحا إلى أن بحيرات لم تتسرب إلى باطن الأرض المشبعة بالمياه الجوفية تنتشر قرب الحي وتصدر له الحشرات والروائح الكريهة، موضحا أن العديد ممن يرغبون في تشييد مساكن لهم في الحي يضطرون في بادئ الأمر إلى تنفيذ مشروع خفض منسوب المياه الجوفية في الحي. من جهته، أفاد خالد الحربي أنهم أصيبوا بالإحباط حين حاولوا تشييد مساكن لهم في أحياء جنوب شرق جدة، لافتا إلى أن المعاناة تفاقمت بتنفيذ مشروع تصريف السيول في حي الأجاويد، وتحويل المياه الجوفية لقناة السنابل لتصريفها، ما تسبب في تشكيل مستنقعات توزعت في المساحات الفضاء في مخطط السنابل، وأدى تزايدها إلى تلفيات كبيرة في الأرصفة دون حراك من الأجهزة المعنية. وذكر الحربي أن الشكاوى المتكررة التي تقدم بها الأهالي للجهات المختصة حول معاناتهم لم تجد نفعا. من جانبه، وصف محمد أبو زاهر الوضع البيئي في مخططي الأجاويد والسنابل ب «المتدهور»، لافتا إلى أن الجهات المعنية عجزت عن وضع حد لمشكلتهم مع المياه الجوفية والتي أطلت برأسها في الحي منذ أعوام عدة. وأشار إلى أن عددا من السكان اضطروا إلى عرض مساكنهم للبيع، هربا من الحشرات والروائح الكريهة التي انتشرت في الحي بفعل المستنقعات الراكدة، ملمحا إلى أن المشكلة تفاقمت واضطرت الجهات المختصة لإغلاق شوارع تجارية بعرض 32 مترا بسبب المياه الطافحة. بينما ألمح فارس الشيخ إلى أن أصدقاءه وأقاربه حين يزورونه في منزله في حي السنابل يستغربون إغلاق شارع تجاري بسبب المستنقعات الراكدة، موضحا أن معاناة السكان مع طفح المياه الجوفية بدأت منذ نحو ثلاثة أعوام وتحديدا بعد كارثة سيول جدة، مؤكدا أن الشكاوى منذ ذلك التاريخ لم تجد نفعا، معتبرا حيي السنابل والأجاويد أصبحا منطقتين غير صالحتين للسكن. من جانبه، حذر المهندس محمد الحربي صاحب أحد المكاتب الهندسية من تداعيات المياه الجوفية على أساسات المنازل، مشيرا إلى أن لها تأثيرات سلبية للغاية على المباني، وتقلل من عمرها الافتراضي. وبين أنه إذا كانت المباني مصممة لتعيش 90 عاما، فإنها لن تعيش لأكثر من 30 عاما، وقد تتعرض للهبوطات والتشققات داخل المنازل، لافتا إلى أن المياه تغمر الأرض المحيطة بالمبنى وتتسبب في ليونتها. وقال: «هذا يأتي نتيجة لعدم دك الأرضيات تحت الأساسات بالشكل المطلوب، كي تتحمل البناء عليها، حيث تصل أوزان المباني السكنية المكونة من طابقين إلى 400 طن، ولذلك أنصح المتضررين من تلك المياه ضرورة التنسيق مع مكاتب هندسية للتأكد من سلامة أساسات المباني خصوصا إذا كانت المياه تحيط بالمبنى منذ فترة طويلة». في المقابل، كشف ل «عكاظ» مصدر في الشركة الوطنية للمياه أن نحو 19 حيا في جدة تعاني من مشكلة المياه الجوفية، مؤكدا أن تلك المشكلة في طريقها للحل، بعد اعتماد 100 مليون ريال لتنفيذ المشاريع اللازمة لها.