إن تفاقم الأوضاع في سوريا يزيد من التحديات التي تواجهها تركيا، والمعروف أن التحديات الخارجية سوف تزداد صعوبة إذا لم توضع الحلول للأزمات الداخلية. أوردوغان يتوسع في أجندته الخارجية دون أن يضع الحلول المناسبة للأزمات الداخلية. فقضية الأكراد التي لم تجد حلا حتى اليوم في تركيا أصبحت تساعد على ظهور أزمة علوية داخل النسيج التركي. فالأمن القومي التركي، أصبح يعاني من تهديدات داخلية وخارجية يعززها عدم وضع الحلول الحاسمة للقضية الكردية، علما أن هذه القضية لا تحل بالقوة. لقد فوجئت القيادة التركية بمظاهرة يسارية تطالب بدعم الأسد، وهذا ما شكل صدمة لحكومة أوردوغان التي لم تتمكن من تفسير التوجه اليساري إلى دعم بشار وهو الدكتاتور القاتل لشعبه، المدمر لمدنه. حاولت إيران استخدام الطائفية كسفينة للنجاة من السقوط، لكن اليسار التركي بدأ بدعم البعث السوري، وبرزت قضية العرب العلويين المقيمين في هاتاي كمواطنين أتراك، فلم يتمكن أوردوغان من حل المسألة بحكمة، ولعله لم يدرك أبعادها، ما حدا بالعلويين دعم بشار والتظاهر من أجله. لقد أطلقت المعارضة السورية مزاعم أن أوردوغان يطيل من عمر الأزمة في سوريا، كما أن بشار هو المسؤول الأول عما يحدث من قتل ودمار؛ بسبب إصراره على الحل الأمني، ورفضه في الماضي النصائح بالإصلاح من تركيا والدول العربية، وتركيا أحسنت صنعا عندما وقفت إلى جوار شعب يقتل، وتدمر ممتلكاته لأنه يطالب بالحرية والعدالة. فالموقف التركي موقف فرضته الأخلاق، لكن الأخلاق في حاجة إلى حكمة تسير بها الأمور، حتى لا تتسع الأزمة وتخرج من إطارها، لأن مخاطر النيران تتأتى من عدم محاصرتها.