يختلف وصول الحجاج إلى المشاعر المقدسة من دولة إلى أخرى، وتتغير درجة الصعوبة في رحلة الحج، إلا أن مملكة برنو ومحاربيها الذين تصدوا لحرب الاستعمار الفرنسي ورفضوا التخلي عن لغتهم العربية التي تعد حاليا اللغة الرسمية للدولة التشادية، وتمسكوا بحضارتهم وعاداتهم واستوطن بعضهم في مكةالمكرمة منذ عدة قرون. فريضة الحج لم تكن مجرد رحلة بالطائرة تحت التكييف المركزي والمظلات كما هو الحال حاليا، بل كان الحاج التشادي يتكبد سفرا طويلا يستغرق سنوات عديدة سيرا على الأقدام أو فوق ظهور الدواب، حيث يتوقف الحاج خلال هذه الرحلة الطويلة في العديد من المدن والقرى، وقد عرفت شعوب تشاد وحكامها بحرصهم الشديد على أداء هذه الشعيرة منذ القدم. وأوضح الحاج التشادي محمد أكبر أن موقع دولة تشاد الجغرافي الاستراتيجي كان ضمن العوامل التي ساهمت في توثيق اللغة العربية والتي بدورها كانت خير وسيلة ساهمت في تحقيق عدة جوانب حضارية ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، وبالرغم من الحرب الشعواء التي شنها الاستعمار الفرنسي ضدها من أجل إزالتها وإبادتها بقيت اللغة العربية حية في وجدان الشعب التشادي، حتى تم الاعتراف بها لغة رسمية للدولة التشادية في دستور البلاد الذي اعتمد بعد استفتاء شعبي عام 1996م فأصبح للبلاد لغتان رسميتان هما العربية والفرنسية. وأضاف محمد كانت فترة بقاء الحاج في الأماكن المقدسة تطول كثيرا، حيث يختلط بمختلف القبائل والعلماء، مما يترك فيه أثرا عميقا، وغالبا ما يتحول إلى داعية للإسلام، ويعود الحاج الأفريقي من بيت الله الحرام بعد رحلة يكتسب خلالها العديد من الخبرات المادية والحياتية والروحية التي تضفي عليه شيئا من الهيبة حسب العادات الإفريقية المرعية، وتعطيه درجة عالية بين قومه، حيث يتلقون كثيرا من الدروس والعادات والتقاليد خاصة في ما يتعلق باكتساب اللغة العربية والدراسات الإسلامية من علماء الإسلام في بلاد الحرمين الشريفين، والعلماء الذين يمرون بهم في طريقهم. واختتم محمد بأن بعضا من أجدادهم ظلوا في مكةالمكرمة منذ قرون، وأصبح الكثيرون منهم من سكانها الحاليين، حيث رفضوا العودة للحرب وعلموا وتعلموا.