أشاد الدكتور حقار محمد أحمد ممثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي بوسط وغرب أفريقيا بدور المملكة العربية السعودية - بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مجال دعم الدول العربية والإسلامية الشقيقة، وخاصة جمهورية تشاد، مشيراً إلى أن في مقدمة ذلك إقامة الجامعات والمدارس والمستشفيات والعمل على كفالة الأيتام وغيرها. وتناول في حواره مع (الرياض) خلال زيارته للمملكة جهود الندوة العالمية للشباب الإسلامي مؤكداً أنها لا تدخر جهداً في دعم العمل الإسلامي في مختلف مجالاته في تشاد، مشيراً إلى أن المهمة الأولى للندوة هي خدمة الإسلام والمسلمين ونشر الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة وتقديم الفكر الإسلامي الصحيح للناس، وخدمة الدعوة إلى الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكاً اجتماعياً بين الشباب المسلم في العالم، ترسيخاً لمبدأ الاعتزاز بالإسلام لدى الشباب المسلم وتوضيح رسالته في بناء المجتمع الإسلامي ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، وأكد على أن جامعة الملك فيصل والتي ساهمت فيها المملكة نجحت في إعداد كفاءات تشادية قادرة على خدمة دينها ومجتمعها. ٭ هل لنا أن نتعرف على موقع تشاد في القارة الأفريقية؟ - إن جمهورية تشاد تقع في قلب القارة الأفريقية في المنطقة الفاصلة بين أفريقيا العربية وأفريقيا جنوب الصحراء، ولذلك امتزجت فيها الأجناس الأفريقية بالجنس العربي حيناً وبالبربر حيناً آخر، ولوقوعها في هذه المنطقة الاستراتيجية فإن أية فكرة تظهر فيها يكتب لها الانتشار كانتشار الإسلام في نيجيريا والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطى، ودخل الإسلام تشاد في عام 666م (القرن الأول من الهجرة)، ويبلغ عدد سكان تشاد حوالي (7) ملايين نسمة حسب آخر إحصائية عام 1422ه/ 2001م، والمسلمون حوالي 85٪ من إجمالي السكان، وقد استقلت تشاد في 11/8/1960م، كما أنها مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية وربما تصبح تشاد في عام 2006م ثالث أهم منطقة اقتصادية في أفريقيا حسب ما أكدت الدوائر الاقتصادية الغربية. ٭ تواجه تشاد حملات تنصيرية منظمة ومستمرة هل لكم أن تحدثونا عن ذلك؟ - الحملة التنصيرية في تشاد هي جزء من الحملات التنصيرية في عموم أفريقيا، خصوصاً بعدما رفع شعار المنظمات والهيئات والجمعيات التنصيرية (تنصير أفريقيا في عام 2000م)، وكان ذلك عام 1993م ولكن تغير الموعد المحدد وأصبح مخطط التنصير حتى عام 2025م. وكانت الميزانية المخصصة للإنطلاق (5,3) مليارات دولار، وكان نصيب تشاد منها (2) مليار نظراً لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية. وقد أكدت هذه الجمعيات والهيئات التنصيرية أن ما ننفقه في تشاد الآن لكونها أفقر دول العالم نسترده بكل يسر خلال سنوات قليلة لأن أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا لما تحتويه من ثروات طبيعية، وهي أيضاً تعتبر من أفقر الدول لعدم قدرتها على استثمار ثرواتها بسبب الحروب الطويلة، ولكن الآن دخلت عصر البترول والذهب وعلى أبواب طفرة اقتصادية كبيرة في أرض بكر في مواردها المادية والبشرية، لذلك فهي هدف أساسي للطامعين إذ بعضهم يريد نهب ثرواتها وخيراتها المادية في حين يهدف البعض الآخر إلى نهب ثروتها البشرية عبر حملات التنصير المستمرة، وذلك تغيراً لفطرة الإنسان وهي الإسلام، لهذا جاء الاستعمار لتشاد ولقارة أفريقيا، والتنصير أحد أذرعته الهامة والخطيرة، لذلك فالمسلمون في أفريقيا أمام تحدي مستمر، ليس في تشاد فقط ولكن في أفريقيا جميعها، فأفريقيا تأتي في المرتبة الثانية بين القارات من حيث المساحة بعد قارة آسيا، حيث تبلغ مساحة القارة الأفريقية 30,247,000 كيلو متر مربع، والثالثة بعد آسيا وأوروبا من حيث السكان حيث يبلغ عدد سكان القارة الأفريقية نحو 731 مليون نسمة (وهذا طبقاً لإحصاء عام 1996م) وتضم نحو 250 مليون مسلم، كما أنها تشغل بذلك خمس مساحة العالم وتستأثر بثمن سكانها تقريباً، ولا ننسى أن في أفريقيا أطول نهر في العالم وهو نهر النيل الذي يجري لمسافة 6400 كيلو متر شمال شرق أفريقيا وأهم الأنهار في القارة هي: النيل، الكونغو (زائير)، وليمبوبو، والنيجر، والأورانج، والزمبيزي، وهناك عدد من البحيرات وهي: البرت وتشاد ونياسا (ملاوي) وتنجانيقا وتيركانا و فيكتوريا. وإضافة إلى ذلك فإن سكان أفريقيا يتحدثون بأكثر من 800 لغة. كل ذلك جعلها مطمعاً وأصبحت هدفاً للتنصير، وأضاف: أن ذلك الهدف الكبير الذي رسمه المنصرون ثمة أهداف أخرى أبرزها القضاء على الإسلام في نفوس المسلمين في القارة الأفريقية وتحويلهم إلى مسوخ آدمية لا تحمل من الإسلام إلا اسمه وأكده أحد الأساقفة بقوله: فلنغرقهم بالشهوات ولنطلق لغرائزهم العنان حتى يصبحوا مسوخاً لا يصلحون لأي شيء، إضافة إلى القضاء على وحدة العالم الإسلامي. ٭ ما هي مجالات عمل المنظمات التنصيرية في أفريقيا؟ - هذه المنظمات تعمل وفقاً لخطة تنصير أفريقيا وكلها مظلات للكنيسة والتنصير فبالنسبة لمجالات عملها في شمال تشاد يمكن تقسيمه إلى الآتي: 1- محاربة التصحر وتقديم العون للريفيين والمزارعين وتتولى المنظمات قضية تنصير الريفيين وأهل المدن الصغيرة وعملها الظاهري هو العمل ضد التصحر وتقديم العون إلى المتضررين من التصحر والقحط والجفاف. 2- تطوير التعليم: تسعى هذه المنظمات لتطوير التعليم في أوساط الريفيين وسكان المدن الصغيرة والقرى والبادية، وتقوم هذه المنظمات بإنشاء المدارس ووضع خطة تجاهها وتحويل الخلاوي القرآنية إلى مدارس بصورة تدريجية أو خلاوي نموذجية ومحاولة ربطها بالأرض حول الآبار الكبيرة وعدم نقلها مع البدو الرحل ووضع رواتب لكل المحفظين للقرآن الكريم وتتكفل بكل احتياجات الخلوة خصوصاً وسائل العيش اليومية. (وضع المناهج التعليمية) وتتولى هذه المنظمات وضع المناهج التعليمية المناسبة لهذه المدارس والخلاوي وتطوير اللهجات المحلية إلى لغات حية، واقتراح الوسائل المناسبة، واعداد عناصر محلية لها القدرة على الكتابة والقراءة باللهجات المحلية وتعليمها للطلبة في هذه المدارس والخلاوي قبل أن تنتقل إلى مرحلة المدرسة. ٭ على صعيد العلاقات «السعودية/ التشادية»، هل لنا أن نتعرف على الدور السعودي في مجال التعاون من أجل نشر الدعوة الإسلامية؟ - المملكة العربية السعودية لها دور رائد في تشاد حيث ساهمت في إنشاء جامعة الملك فيصل عام 1411ه /1991م وسميت بهذا الاسم عرفاناً بالجميل للملك فيصل بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - حيث أسس عند زيارته المباركة لتشاد في فبراير 1973م مركزاً إسلامياً ضخماً يسمى مركز فيصل الإسلامي والذي يتسع لأكثر من (35) ألف مصل، ويدرس فيه أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة في مراحل التعليم الثلاثة الابتدائية والمتوسطة والثانوي، وأصبح معلماً من معالم الثقافة العربية والإسلامية التي ساهمت مساهمة كبيرة في تطوير التعليم العربي في البلاد وأصبحت الجامعة الآن عضواً في اتحاد جامعات العالم الإسلامي ورابطة الجامعات الإسلامية، كما أنها عضو في المجلس التنفيذي لهذه الرابطة منذ عام 1999م. والمملكة العربية السعودية لها نصيب كبير في مساعدة المسلمين في تشاد وتعمل على دعم العمل الإسلامي والإنساني ونحن نقدر جهود المملكة لصالح المسلمين في تشاد والشباب المسلم في أفريقيا، وقد أرسلت رابطة العالم الإسلامي كثيرا من الدعاة لدعم مسيرة العمل الإسلامي، ولإثراء التراث الإسلامي في تشاد. كما ارسلت وزارة الأوقاف في المملكة العربية السعودية دعاة يعملون في مجال التوعية الدينية وتدريس الدين، وهناك تعاون مستمر بين المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تشاد وبين وزارة الأوقاف ورابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، حيث أنه الجهة المسؤولة عن شؤون الإسلام والمسلمين وبمثابة وزارة الأوقاف في كثير من الدول العربية والإسلامية ويقوم بخدمة الإسلام والمسلمين وبنشر الدعوة الإسلامية عبر الدعاة والمتخصصين الذين يقدمون الفكر الإسلامي الصحيح للناس، ويترأس المجلس سماحة الشيخ حسين أبو بكر. ٭ ما هو دور الندوة في مساندة مسلمي تشاد؟ - الندوة العالمية للشباب الإسلامي التي أسسها الملك فيصل بن عبد العزيز - يرحمه الله - للشباب المسلم ولإعداد جيل جديد من الشباب المتميز تربية وتعليماً وتأهيلاً، يؤمن بالإسلام ويعمل له، ويبذل من ماله ووقته وعرقه وعمله من أجله، محتسباً لله ومتأسياً بنبيه الكريم، أعطت في تشاد صورة مشرفة للمملكة العربية السعودية التي تمثل الوجه الحضاري والثقافي والكيان والهوية الشرعية للمسلمين في العالم من خلال جهودها التي غطت مجال عملها الخاص وهو تكوين الشباب المسلم وخدمة الفكر الإسلامي على أساس التوحيد الخالص ومنهج السلف الصالح، وتعميق الشعور بالعزة الإسلامية بين صفوف الشباب المسلم. إضافة إلى ذلك قدمت الندوة المساعدات للأسر الفقيرة وكفالة الأيتام وتسيير القوافل الطبية وتوزيع الأدوية والأضاحي على المحتاجين وبرنامج إفطار صائم، وكذلك كفالة طالب ومعلم وتقديم الكتب الدينية والأشرطة الإسلامية وتوزيعها على المسلمين باللغتين العربية والفرنسية، وإقامة محاضرات وعقد الندوات لتوعية الشباب وتثقيفهم، كذلك إقامة المخيمات وعقد الدورات فضلاً عن حفر الآبار وبناء المدارس والمساجد بمختلف المناطق. وهنا أود الإشارة إلى أن جهود الندوة تحظى باحترام وتقدير كبير على النطاق الشعبي وفي الأوساط الرسمية وقد تم التباحث مع الأمين العام المساعد للندوة لبناء عدد من المدارس في تشاد لتعليم أبناء المسلمين وبناء مساجد أيضا، حيث أن تشاد دولة مترامية الأطراف ولدينا كثير من الأفكار والمشاريع التي تحتاج إلى الدعم لترى النور، كما أن هناك دراسة تقوم بها «الندوة» عن المحافظات المختلفة واحتياجاتها من المشاريع ليستفيد منها السكان في مختلف الأقاليم، ولا ننسى دورها في إقامتها للسكن الطلابي لاستيعاب الطلاب الوافدين من الأقاليم الأخرى بتشاد إضافة إلى الطلاب المغتربين. كما أن للندوة دوراً كبيراً حيث أشرفت على إنشاء كلية الإدارة في جامعة الملك فيصل ويعتبر من أكبر المشاريع التي تم تنفيذها في الجامعة حيث بلغت تكاليف المشروع آنذاك حوالي مليون دولار أمريكي.