إن الطفل عندما يصاب بصدمة في حاضره الذي يعيش فيه أو قهر من مجتمعه الذي يسكنه يعود مباشرة بخياله إلى ماضيه الذي كان سعيدا فيه حيث كان يحظى بالحب والرعاية والحنان والعطف، فيرجع من خلال بعض العادات التي كان يعملها في صغره كالتبول اللاإرادي ومص الاصبع وغيرها فيشعر بالسعادة والاطمئنان لفعلها حيث تذكره بسعادته ورضاه الماضيين، والرجل الهرم أيضا الذي لم يبق له من حاضره شيء تجده يهرب إلى ذكريات شبابه وتفاصيلها لترتاح نفسه لذلك. هكذا حياتنا فعندما نفشل في حاضرنا وتغلق أبواب المستقبل أمامنا، نتوجه إلى ماضينا وماضي أجدادنا وحكايات الأبطال والفاتحين لا لكي نستفيد، بل لكي نأخذ جرعة من التخدير والسرور والراحة النفسية التي لا تغير من الواقع شيئا بل تسكنه وتغلق دروب المستقبل، دائما نسمع إلى قصص الأبطال والمصلحين ونقول لو كان لدينا أبو بكر الصديق وعمر المختار وصلاح الدين وغيرهم لصلحت الأمة، من غير حراك في حالنا يذكر، فقط راحة نفسية وتسكين ألم واقع لا نستطيع تغييره.. ليست المشكلة في أن نأخذ العبرة ونستمع ونتحمس لماضينا فهو يحدو بهممنا للانطلاق نحو المستقبل، بل المشكلة في أن نسمع ونمكث مع ماضينا وماضي أجدادنا ولا نعود إلى حاضرنا، فالذي نريده أن نوصل حبال الماضي بالمستقبل ونصبر على ألم الطريق الحاضر، ويكون الماضي هو الدافع الأكبر للانطلاق نحو جمال المستقبل. وأخيرا... ينبغي على كل فرد منا أن يقول عفوا صلاح الدين وعفوا عمر المختار وعفوا للماضي سوف أستمتع ببطولاتكم لكن اعذروني لن أمكث معها فلدي واقع لا بد من تغييره، لن يأتي ذلك اليوم الذي أهرب من واقعي لكي أبيت مع واقعكم بل سوف يأتي اليوم الذي تتحادثان فيما بينكما: لقد جاء مثل صلاح الدين وغيره إلى واقعهم.