لم يمنعه تقوس ظهره ولا فقدانه لحواسه الخمس من السير على قدميه .. صحيح اشتعل رأسه شيبا وبلغ سنة التسعين غير أن الحاج كرمان كان أكثر حرصا على أدء الفريضة معتمدا على نفسه، طبقا لقدراته مستعينا بعصا يتوكأ عليها ويتلمس بها طريقه. الحاج كرمان نور الحق «92» من مدينة باريسال في بنجلاديش مهنته زراعة الشاي منذ عقود وجمع من حصاد عمله ما يكفي لرحلة العمر مصطحبا نجله، عانى الرجل كثيرا قبل أن يجمع الحصاد وظل يبكي كل عام كلما دنت أيام الحج وهو بعيد عن تحقيق أمنيته. لا خلع للإحرام ورغم انقضاء يوم عرفة ويوم النحر إلا أن الحاج كرمان لا يزال يتشبث بلباس الإحرام معتقدا أن حجه لايكتمل حتى يضرب بعصاه شاخص الجمرات في آخر أيام التشريق. نجله ماهري يقول: والدي فقد جميع حواسه قبل أربعين عاما نتيجة أمراض تعرض لها إلا أنه ظل يكابد الحياة الصعبة في قريتنا الصغيرة حيث يملك مزرعة لا تتجاوز مساحتها 400 م2) بدأ المسن كرمان في جمع المال منذ نصف قرن مستفيدا من ريع نبات الشاي ووقفنا إلى جانبه حتى حقق بغيته وأمله فقد ظل قلقا يخشى الرحيل قبل أن يؤدي الفريضة. حديث الإشارة يضيف ماهري نجل كرمان: تعودنا على التعامل معه ومعرفة ما يريد من تقاسيم وجهه وإشارات أصابعه بينما كان يتواصل معنا أما بالوصف بالإشارة أو الكتابة على الأرض.. كان أبناؤه وأحفاده ال 15 يتولون مساعدته برغم أنه يعشق أن يخدم نفسه بنفسه. ويختتم ماهري كرمان أن والده يرفض خلع الإزار والرداء حتى يضرب بعصاه شاخص الجمرات .. حاولنا إفهامه أنه غير ضروري لكنا صمتنا مع إصراره وتشبثه بموقفه.