«من حقهم علينا رعاية أبنائهم وأسرهم بعد استشهادهم».. بهذه العبارات أطلق اللواء الدكتور سليمان بن محمد المالك حملة حج أسر شهد الواجب في حرب درع الجنوب ضد المتسللين الحوثيين، حيث قامت مجموعة من عصابات التمرد الحوثي قبل ثلاثة أعوام بتجاوز الشريط الحدودي والاشتباك مع حرس الحدود وقتل أحد أفراده، وعلى إثره تحركت القوات المسلحة لطرد المتمردين المتسللين وتطهير الأراضي السعودية منهم، حتى استسلم المتسللون ووافقوا على الشروط السعودية بعد استمرار العمليات ثلاثة أشهر. «عكاظ» زارت المخيم الذي استضاف أسر شهداء حرب درع الجنوب والذي يقع في مجر الكبش بمشعر منى وهو موقع متميز بجوار الجمرات (فئة أ) وقد جهز بأفضل الوسائل المعدة لراحتهم، والتقت عددا منهم ورصدت مشاعرهم وهم يقفون في هذه البقاع الطاهرة في ضيافة الدولة ممثلة في وزارة الدفاع. وسام للأسرة بداية تحدث العم سعد بن طربوش الشهراني والد الشهيد مبارك الذي توفي في الجبهة قبل ثلاثة أعوام، موضحا أنه قدم من محافظة خميس مشيط للحج مع شقيقه وشقيقة الشهيد الذي لم يتزوج. وقال: الابن غال ووفاته وفقده صدمة كبيرة، لكن الذي خفف علينا مصابنا استشهاده وهو يذود عن دينه ووطنه، ونحن نعتبر استشهاد مبارك وساما للأسرة كلها، ولا يسعنا إلا أن نشكر خادم الحرمين وسمو ولي العهد على هذا الاهتمام بأسر الشهداء. على خطى الوالد بدوره قال الحاج محمد الابن البكر للشهيد رئيس رقباء مرعي محمد الأسمري: «والدي استشهد وهو يذود عن أرض الوطن في أول يوم من أيام شهر الله المحرم قبل ثلاثة أعوام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبله عنده ويرحمه ويدخله فسيح جناته»، مؤكدا أنه سيسير على خطى والده وسيلتحق بالقوات المسلحة عندما ينتهي من إكمال دراسته. وأضاف محمد الذي جاء للحج برفقة والدته وشقيقته وعمه أخ الشهيد، «كنت أتمنى أن أؤدي الفريضة برفقة والدي وبين أحضانه لكن إرادة الله فوق كل شيء». كان مثلي الأعلى كما تحدث ل «عكاظ» ابن وشقيق الشهيد رقيب أول مشعل ذعار القبع العتيبي الذي استشهد في حرب درع الجنوب، وقالا: «كان الشهيد مثالا للوفاء والإخلاص والحب لوطنه واستشهاده خير دليل على ذلك»، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويرحمه ويجمعهم به في الفردوس الأعلى، شاكرين للواء الدكتور سليمان المالك ما وجدوه وجميع أسر الشهداء من حفاوة واهتمام. وقال سعود ابن الشهيد: «كان والدي مثلي الأعلى ونبراسا اهتدي به، وقد صدمت بوفاته التي أحدثت فراغا في فكري وقلبي لن يشغله غيره، فهذا مكانك يا أبي». وشدد على أنه سيلبي رغبة والده بإكمال دراسته العلمية بإذن الله. كلنا فداء للوطن أما ظافر غيثان العمري نسيب الشهيد أحمد العمري، فأوضح أنه قدم مع زوجة الشهيد كمحرم، كما وصل من الأسرة أخ الشهيد ووالدته وأخته، وشكر القائمين على الحملة على اهتمامهم بأسر الشهداء، وأكد أن استشهاد ابنهم وسام على صدورهم جميعا وشرف وفداء وعزة في الذود عن تراب الوطن «وكلنا فداء للوطن». الاستضافة مستمرة كما تحدث ل «عكاظ» اللواء الدكتور سليمان محمد المالك مدير عام الإدارة العامة لشؤون المتقاعدين في القوات المسلحة المشرف على رعاية أسر الشهداء، قائلا: بناء على توجيهات سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز -يرحمه الله- باستضافة أسر الشهداء في الحد الجنوبي، وبمتابعة من الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع وبإشراف مباشر من نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان، تمت استضافة 196 شخصا من ذوي الشهداء لأول مرة هذا العام لأداء فريضة الحج، وسوف تستمر حتى يتمكن جميع ذوي الشهداء من أداء فريضة الحج، مبينا أن المستفيد من أداء الحج هم والدي وأبناء وزوجة الشهيد وأشقائه، وكذلك تتم استضافة محرم للزوجة أو الأم، فالهدف تمكين أكبر عدد من أسر الشهداء لأداء الفريضة، ويتم استيعاب خمسة أشخاص لكل أسرة سنويا لمرة واحدة فقط. وأكد المالك أن الخدمات المقدمة لأسر شهداء عمليات الحد الجنوبي عديدة، منها ترقية الشهيد وصرف الراتب التقاعدي الأعلى للرتبة وإعطاء والديه وزوجته راتبا ذاتيا قدره ثلاثة آلاف ريال شهريا، فيما يتم تسليمهم مليون ريال مكرمة ملكية وبدل سكن لمدة خمس سنوات وتسديد ديون الشهيد ومنحهم قطعة أرض وتعجيل القرض العقاري، ومن حصل عليه يعفى ذووه من سداده، كما صدرت التوجيهات السامية بأن تكون الأفضلية والأولوية لأسر الشهداء في التوظيف والنقل في الدوائر الحكومية، وكذلك القبول بالمعاهد والجامعات والابتعاث الخارجي ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين. عهد الوفاء للقيادة وفي مقر الحملة التقت «عكاظ» الشيخ والداعية سعد البريك الذي قال: شكرا للقائمين على هذه الحملة من وزارة الدفاع وهي تكريم وتتويج للشهداء أنفسهم من خلال إكرام ذويهم من بعدهم وهي بادرة تنم عن وفاء وحسن العهد والخلف في الراحلين بإكرام ذويهم من آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم وإخوانهم، وهذا مما يكرس عهد الوفاء للقيادة الرشيدة. وأثنى البريك على ما يجده أبناء وأسر الشهداء من خدمات ميسرة وكل ما يطلبونه بما يسهم في الاستقرار النفسي والمعيشي لهذه الأسر في شتى المجالات، كصندوق التنمية وإيجاد الوظائف المناسبة لهم وإعفاؤهم من القروض، وهذا من أفضل صور الكفالة التي تحفز أبناء ورجال الأمن الأحياء، حيث يعلم أن الذين من بعده من أبنائه وأفراد أسرته سيجدون الرعاية والاهتمام والتكريم. وأكد أن هذا التكريم والوفاء ليس غريبا على ولاة الأمر الذين أولوا أبناء وبنات الشهداء رعاية خاصة واهتماما كبيرا.