« عيد بأية حال عدت ياعيد »... شطر من قصيدة من أعظم ما قاله الأسطورة المتنبي وبالتالي تعتبر من أعظم ما ضمته دفتا كتاب الشعر العربي على مر العصور، لكني أعتقد أن أبا محسد لو استقبل من أمره ما استدبر لشطب هذا الشطر من منجزه الشعري وتبرأ منه لكثرة ما لاكته الألسن المحبطة المتشائمة التي تستقبل به كل فرحة عيد لتقتلها في مهدها. للعيد بهجة استثنائية يجب أن نفهمها وأن لا نميتها باجترار المصائب واستحضارها فالسنة طويلة وممتدة وبها متسع لأجواء الحزن والإحباط والضيق والتبرم والصراع مع النفس والآخرين لكن العيد يأتي كلمحة برق وسمي ويمضي بالسرعة نفسها ومن الظلم أن نحمله ما لا قدرة له به وأن نستقبله بقائمة طويلة من البكائيات وجرد للخيبات وأن نحاسبه عن ما الذي تغير للأحسن منذ زيارته الأخيرة بينما المفترض أن يطرح هو السؤال: ما الذي غيرتموه بأنفسكم وأخلاقياتكم وتعاملاتكم لكي تكونوا أفضل عندما أعود لكم لكنه لا يسأل مثل هذه الأسئلة المحبطة لفرط كرمه واستشعاره لطبيعة الأجواء التي يجب أن يأتي بها. في قريتنا الصغيرة كثيرا ما اشتكى الشباب من روتينية العيد وجموده وافتقاده لروح الأعياد المفترضة فقرروا أن يذهبوا للعيد ولا ينتظرونه: أصبحوا يقيمون مخيما طوال أيام العيد يضج بالحيوية والألفة والأنشطة والفعاليات التي يشارك فيها جميع الأعمار فأصبح للعيد رونق وحضور في النفوس ولانتظاره لهفة كادت أن تمحوها السنين.. أن تعتقد أن العيد يكمن في أن (تكشخ) وتنتظر فرحة آلية تجتاحك وتنقلك له فهذا معناه أنك لم تفهمه ولن تعيشه.. الأمر ببساطة: لكي تعيش العيد تصالح مع الطفل بداخلك وأبحث عن العيد بالقرب منك.. وكل عام أنتم بخير وراحة بال.