إن كرب الزمان وفقد الأحبة مع أخصية الأبناء والأحفاد خطب مؤلم وحدث موجع، بل هو من أثقل الأنكاد التي تمرّ على الانسان؛ نار تستعرّ وحرقة تضطرم، تحترق به الكبد، ويُفتّ به العضد؛ إذ هو الريحانة للفؤاد والزينة بين العباد، وفي هذا الأسبوع فاضت المدامع والشجون، وتزلزل القلب.. فيالفجائع الزمان.. ويالقوارع الدهر!! فقد رزئ المحامي الدكتور عبد العزيز بن محمد الوهيبي المحاضر سابقاً بجامعة الملك سعود في وفاة ابنه البكر فلذة كبده (عبدالله)، ذلكم الشاب اليافع النابه الذي كان يعقد عليه الآمال، وينسج عليه الطموحات، وذلك إثر حادث أليم نسأل الله له المغفرة والرضوان. فما أصعب فراق الأحبة، ولكن مما يخفف المصاب الأمل في أن يلقى الحبيب حبيبه يوماً ما في الآخرة، ولولا هذا الأمل لتقطعت الأكباد حسرة وكمداً. ربي رجوتك أن تربط على قلب أبي عبد الله، و أن تخفف لوعته، وتزيل هماً كسا أحشاءه؛ فإن المصاب جلل، وكأن أبو الحسن التهامي يندبه ويعنيه في قصيدته: حكمُ المنيةِ في البرية جاري ما هذه الدُّنيا بدارِ قرارِ لك الله يا أبا عبد الله؛ لقد رماك الدهر بفراق ابنك، وأصبحت لا تملك الأزفرة من فؤاد مكلوم، وكظمة من حزين بألم الفراق مضيوم؛ فلتسامر الخنساء وتشاركها الأحزان في رثائها صخر: ضاقت بي الأرضُ وانقطعت محارمُها حتى تخشّعت الأعلامُ والبيدُ ولك في أبي ذؤيب الهذلي سلوة، وقد فقد أبناءه الخمسة الذين عُرفوا بالشجاعة والنجدة والكفاية، وكانوا نور عين والدهم، وقد أصابهم الطاعون، فقضوا جميعاً مرة واحدة، وأتى نعيهم لأبيهم الذي تشققت كبده عليهم، فقال: أمِنَ المنونِ وريبِها تتوجعُ والدهرُ ليس بمعتبٍ من يجزعُ؟ رحمك الله ياعبد الله، وأمطر عليك شآبيب رحمته في الآخرة، كما أتمّ عليك نعمته في الدنيا، وسلام الله عليك حياً وهالكاً؛ فقد كنت بارّاً بوالديك، خادماً لهما بجهدك، محسناً لجيرانك. يقول الشيخ ابراهيم العبيد في رثائه لابنه: فقدناك يا خيرَ البنين مفارقاً وعدنا سراعاً كالهزيمِ المقارنِ فقدناك يا من كنت معزّزاً وكنت أديباً ماهراً في الخلائقِ