افتتح سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بحضور وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار، أمس، «ندوة الحج الكبرى» التي تنظمها وزارة الحج تحت عنوان «الحج عبادة وسلوك حضاري» وسط حضور 500 عالم وعالمة، وذلك بقاعة الذكرى الخالدة بمكةالمكرمة. ندوات تثقيفية وطالب سماحة المفتي، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بعقد ندوات علمية تثقيفية للمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين بعدة لغات خاصة في موسمي رمضان والحج، وقال «إن الله خلق الخلق لعبادته والعبادة تهذيب وتزكية للنفوس وعند تأمل المسلم للعبادات يجد أنها من أقوى الأسباب لراحة النفوس وطمأنينتها وزكاتها، وإن التوحيد وحده هو أساس الملة وأساس التآلف فلا جامع للقلوب ولا موحد للصفوف إلا بتوحيد الله وإخلاص الدين له وإفراده بجميع العبادة واعتقاد كمال أسمائه وصفاته على ما يليق بالله جل وعلا»، ووصف سماحته الحج بالمؤتمر الإسلامي الكبير، مؤكدا أنه يقوي الأمة ويزيد ارتباط بعضها ببعض ويشد أزرها ويلتقي فيه المسلمون من أرجاء الدنيا على اختلاف لغاتهم وأماكنهم ويجمعهم في جامع واحد، مستدلا بقوله تعالى (إنما المؤمنون أخوة)، وقوله سبحانه وتعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم)، وبين أن الحج قائم على توحيد الله وتوحيد القلوب وجمع الصف إلى جانب كونه عبادة جمعت بين العبادة المالية والبدنية». العهد الزاهر ودعا سماحته المسلمين للاستفادة من هذا الموسم العظيم بالتعاون والتفاهم والتدارس واللقاءات الأخوية بين الحجاج من علماء وقادة ليناقشوا مشاكلهم والبحث عن علاج لقضاياهم التي تحيط بهم، مشيرا إلى أن الآراء المتعددة والمتنوعة لها شأن عن الرأي الواحد، وقال «إن هذه الدولة المباركة قد بذلت جهدا كبيرا وهيأت مناخا عظيما لحجاج بيت الله الحرام ليؤدوا مناسكهم في أمن ويسر وسهولة وراحة واطمئنان، وسخرت الرجال والأموال من أجل راحة ضيوف الرحمن منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله حتى هذا العهد الزاهر، حيث بذل قادة هذه البلاد الغالي والنفيس من أجل خدمة حجاج بيت الله الحرام»، داعيا في الوقت نفسه الأمة الإسلامية إلى أن تكون أمة واحده تحرص على عدم الاستماع للقنوات السيئة والمواقع المشبوهة التي همها الكذب والافتراء والدجل وافتراء الأحاديث وأن تكون أمة واحدة واعية مخلصة لدينها متمسكة بشريعة إسلامها حريصة على ما يؤلف القلوب ويجمع الكلمة. المشروعات الطموحة من جهته، أكد وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار أن المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز وتبعه أبناؤه البررة من بعده يبذلون الغالي والنفيس لخدمة الأماكن المقدسة والعمل على توسعتها وتهيئتها لتكون ميسرة لضيوف الرحمن، وقال «هذا ديدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله الذي لا يألو جهدا في تنمية المشروعات الطموحة بعيدة المدى وأولها التوسعات الجبارة للحرمين الشريفين»، ونقل تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للمشاركين في الندوة، مرحبا بسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والعلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء من جميع أنحاء العالم الإسلامي وبالحضور والمشاركين، وقال «إن هذه البلاد ملكا وحكومة وشعبا بقيادة خادم الحرمين الشريفين تتشرف كل عام بخدمة ضيوف الرحمن ليتمكنوا من أداء نسكهم وفق مراد رب العزة والجلال وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبكل يسر وسهولة وليعودوا بعد ذلك إلى ديارهم وأوطانهم سالمين غانمين»، ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى التعاون التام مع القائمين على خدمتهم، وذلك لتحقيق الأهداف السامية لأداء النسك ولإعطاء الصورة المشرفة لما يدل على التسامح والإخاء؛ امتثالا لقوله تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الأثم والعدوان»، متمنيا التوفيق للمشاركين في أعمال الندوة التي تضم نخبة من خيرة علماء ومفكري ومثقفي وأدباء العالم الإسلامي، مؤكدا أنهم سيثرون فعاليات الندوة بأطروحاتهم وآرائهم المستنيرة ونقاشاتهم الموضوعية التي ستؤدي إلى توصيات يسترشد بها الحجاج. الدور الثقافي والحضاري ولفت حجار إلى أن وزارة الحج تسعى من خلال عقد هذه الندوة السنوية إلى إبراز الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والتأكيد على الدور الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة وإبراز أهم الإنجازات والمشروعات المتلاحقة في الحرمين الشريفين لخدمة قاصديهما وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادي لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج عبر تواجد هذه الإعداد من الحجاج. شعار التوحيد ومن جانبه، أوضح الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس أن الحج عبادة وعقيدة ومبدأ وركن من أركان الإسلام يبني على أخلاص الدين لله عز وجل وهذا يقتضي أن لا يرفع شعار للحج إلا شعار التوحيد «لإله إلا الله محمد رسول الله»، وقال «يجب ألا ترفع الشعارات السياسية التي تخرج بالفريضة عن المنهج الشرعي أو تخضعها لأي نعرات طائفية أو إقليمية أو عصبيات»، مبينا أن الحج عبادة وسلوك حضاري وليس محلا للمظاهرات أو المسيرات، وأكد السديس على تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالي، مشيرا إلى أن الحج موجود في الأمة الإسلامية لأنها أمة الحضارة والقيم والأخلاق، وحذر السديس من كل المظاهر والظواهر التي تخالف السلوك الحضاري، مشددا على تجنب السلوكيات المنافية لروح الحج، مثل الافتراش في الطرقات والزحام والتدافع والسباب والشتائم، وكذلك المزاحمة عند رمي الجمرات والطواف والمسعى ومضايقة الناس في المشاعر المقدسة. ومن ناحيته، أوضح مستشار الديوان الملكي وأمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن لكل عبادة مقصدا وحكمة من تشريعها في الدين الإسلامي، مشيرا إلى أن مقاصد الحج أوسع من أن تذكر في علم وهي روح العلم في الفقه وعلم الحديث، ومن المقاصد تحقيق التوحيد، وتحقيق التقوى وتحقيق الإكثار من ذكر الله والتهذيب وتطهير السلوك والعفو والتسامح وتميز المسلم عن غيره.