في المشهد الاجتماعي يأتي تناقل الخبر الطازج مزعجا كان أم مفرحا خارج نطاق الكياسة والحكمة، كحالة صادمة قد تؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها ولها ما بعدها، وكما علينا أن نسلم بقدر الله الواقع واليقين إلا أن هناك من الأصول والمبادئ ما يهيئ ويؤهل النفس البشرية المستقبلة للخبر بمساحة استيعاب أكبر وامتصاص ألطف. في أخبار الوفيات الأولية مثلا جرت العادة بين الناس أن يعهد بالتبليغ الفردي إلى الأكثر بلاغة وهدوءا في سوق مثل هذه الأخبار لذوي العلاقة وخاصة الأقارب من الدرجة الأولى، ولكن الحكمة والروية ليست مناخا سائدا ولا متلازمة عامة في مجتمع متباين الثقافات مختلف المشارب، حيث يحدث الشيء ونقيضه. في قضية مقتل «طفلة ينبع» جاء الخبر الصاعق مفضيا إلى صدمة أخرى نتيجتها وفاة رب أسرة وطفلة كأبرياء آخرين، وهناك حالات مماثلة كثيرة حدثت كان المبتدأ فيها خبرا طارئا نتج عن سوء التعامل معه أو فيه كارثة أخرى بل ربما أكبر من سابقتها. وللخروج من مثل هذا المأزق نجد أن من واجب أي مبلغ لخبر يندرج تحت مسمى طارئ أو مزعج حتى المفرح أحيانا أن يراعي حالة المستقبل من حيث قدرته على امتصاص المفاجأة واستيعاب الموقف ومراعاة ما يحيطه من عامل الزمان والمكان. يخطئ من يظن أن حالة الطوارئ لدينا تجيز لنا كل شيء بما في ذلك إهدار سلامة الآخرين أو كسر الأنظمة والقوانين، حتى سيارات الطوارئ وهي تلزم الحذر عند تحركها ومباشرتها للحوادث مدعاة لسلامة الآخرين. ولعلي أهمس في آذان إخوتنا المباشرين للحالات الطارئة والمسعفين ومن في حكمهم أن يتوخوا الحكمة والأناة عند البلاغ عن الحالات الطارئة والحرجة حتى لا يكون البلاغ بحد ذاته آفة أخرى وقضية مضافة.. والله المستعان. أحمد مكي العلاوي