يترقب المسلمون سنويا قبل حلول رمضان والحج موعد دخول الشهرين، لما يترتب عليهما من عبادتي الصيام وفريضة الحج، ولأن رؤية الهلال هي التي تحدد دخول الشهر، يحرص المسلمون عليها وعلى متابعة وسائل الإعلام التي تبث خبر ثبات الرؤية، لكن دخول التقنية الموضحة لرؤية الهلال دون العين المجردة أثار بعض اللغط. علماء ومختصون أوضحوا أن التقنية توضح الرؤية وهي من أساليب التطور الذي شهده الإنسان حاليا قائلين: «يمكن الاعتماد عليه ولا حرج»، وشبهوا التقنية التي تساعد على رؤية الهلال بالنظارة الطبية التي يستعملها المرضى لتوضيح الرؤية، قائلين: «هذه الحجة تقودنا إلى ضرورة الحرص على التقنية إلى جانب الرؤية لإثبات دخول الشهر». في البدء، أكد مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن اعتماد رؤية الهلال وموعد ظهوره والأماكن التي يتحرى فيها يمكن الاعتماد على الهيئة الفلكية فيها، وقال: «من يشكك في دخول الشهر بعدما يثبت رسميا فتشكيكه باطل ومردود ومخالف للشرع». حساب دقيق من جانبه، اعتبر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي الحكمي أن الحساب الفلكي لموعد دخول الشهر وخروجه وكافة الشهور بات دقيقا ومقاربا إلى الصواب، موضحا أنه رغم الدقة في الحساب أو علم الفلك إلا أنهما لا يكونان صائبين أحيانا، ما يجعل الرؤية لازمة، وأكد أن علم الفلك وكذا الحساب تطورا بدرجة دقيقة تقارب الصواب غالبا حتى بات الخطأ فيهما معدوما أحيانا، مستدركا: «لكننا لا نستغني عن الرؤية في ديننا لمعرفة دخول الشهر وإن كانت لها عوارض كالطقس أو ما يخيل للبعض من مشاهدتهم للهلال بينما هو كوكب آخر»، وأضاف: «نحتاج إلى استخدام كافة الأدوات والحسابات الحديثة إلى جانب الرؤية لنعرف مواعيد دخول وخروج الشهور بدقة خصوصا أن هذا مرتبط بعباداتنا»، وطالب عموم المسلمين بالحرص على اغتنام الأيام القادمة. عمل باطل من جهته، بين الداعية الدكتور محمد المنجد، أن المشككين في رؤية الهلال كما يحدث أحيانا، عمل باطل مردود ومخالف للعقل والنقل، مبينا أنه لا مجال للطعن أو التشكيك، إن أثبت الرؤية تقاة وموثوقون. لا خلاف في التلسكوبات بدوره، أوضح رئيس قسم الفلك في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن باصرة، أن تقويم أم القرى لموعد دخول شهر الحج لهذا العام دقيق، حيث يكمل شهر القعدة الحالي ثلاثين يوما، وعزا عدم ظهور القمر ليلة البارحة لغروبه قبل الشمس، لافتا إلى أنه لا خلاف في مسألة الاعتماد على التلسكوبات لدى المحكمة أو الشرعيين لتحديد موعد دخول الشهر، لكن الإشكال يكمن في بعض المسائل الحسابية عند تحديد موعد دخول وخروج الشهور. غدا غرة ذي الحجة في سياق متصل بين الباحث الفلكي وعضو المشروع الإسلامي لرصد الأهلة الدكتور خالد بن صالح الزعاق، أن القمر لم يتواجد البارحة بعد غروب الشمس لعدم تحقق شرط الرؤية والمتمثل في تأخر غروب القمر عن غروب الشمس، وقال: «يرجع غياب القمر البارحة قبل غروب الشمس على جل أنحاء العالم الإسلامي علاوة على أستراليا وآسيا وأوروبا ومعظم مناطق إفريقية وشمال أمريكا الشمالية إلى ولادته في شهر ذي القعدة؛ لأنه يسير ومنذ مطلع الشهر خلف الشمس متجها من الغرب لجهة الشرق»، وأضاف: «بما أن سرعة القمر تفوق الشمس فهو يحاول أن يطلب الشمس طوال شهر ذي القعدة وقد أدركها البارحة ظهرا، لكن القمر أجهض وقت الغروب لغيابه قبل الشمس»، وتابع: «يمكن مشاهدته الليلة بحسب المعطيات الفلكية بالتلسكوب أو المكبرات العينية، وقد يرى بصعوبة بالعين المجردة كونه سيمكث 40 دقيقة تقريبا، ويقع جنوب مغيب الشمس كما أن نسبة إضاءته 1.79 %»، ولفت إلى أن الوقوف بعرفة سيكون يوم الخميس الموافق 25 أكتوبر وسيحل العيد في 26 من أكتوبر الحالي. توافق السنة من ناحيته، نفى المستشار الاجتماعي إحسان طيب، المقولة التي تشير إلى أن استخدام المراصد الفلكية يبعدنا عن السنة في رؤية الهلال، مشيرا إلى أن المراصد توافق السنة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما»، إذ أن المناظير تساعد على توضيح الرؤية فقط. وشبه المراصد التي تمكن من الرؤية بمستخدمي النظارات الطبية قائلا: «جعلت النظارات لتوضيح الرؤية فقط»، منوها بأن النبي صلى الله عليه وسلم لو وجدت في عهده هذه المناظير لتعامل معها، كما لو وجدت الطائرة لاستخدمها، والأدوية الحديثة لتعالج بها، مبينا أن الاعتماد على المراصد الفلكية بات دقيقا. نتائج دقيقة من جانبه، أوضح الداعية محمد السالم، أن على الدول الإسلامية الأخذ بالنتائج الفلكية لدقتها وخضوعها للموضوعية مع ضرورة ألا يغفل الجميع مسألة الرؤية، مضيفا أن الكثير من الدول باتت تعتمد على النتائج الفلكية لدقتها، إذ أنها لا تأتي بالهلال من العدم بل توضح الرؤية.