هكذا قالها لي صديقي وهو يكاد أن يشق ثوبه من شدة الفرح. فقلت له مبروك عساها قدوم خير عليك. قال الحمد لله رغم بعد المكان. فسألته: أين المكان. قال فقط 350كم. فقلت في أي قطاع إن شاء الله. هنا استقر جسده وخيم عليه السكون لوهلة ثم نظر إلي وعيناه مفتوحتان في كامل محيطهما ثم قال: اتعينت مدرسا في إحدى مدارس القنفدة. وكأنه يعاتبني على عدم علمي بتخصصه. فقلت المعذرة يا صديقي أنا لم أعلم انتماءك لقطاع التعليم أو أني قد نسيت، قال: لا تعتذر فقد تخرجت في الجامعة منذ خمسة عشر عاما وهي كفيلة بأن تنسيك اسمي، المهم أنها جات والحمد لله. بعدها لملم مشاعر الفرح من جديد ثم انطلق مودعا على أمل أن نلتقي. انتهى الحوار مع صديقي وبدأ حوار داخلي بيني والأنا. مسكين صديقي، قضى خمسة عشر عاما ينتظر الوظيفة، لا استغرب شدة فرحه فهي أشبه بالمولود الذي يقدم بعد تعثر الخلفة، خمسة عشر عاما ولكم أن تتخيلوا الشعور. من حقه أن يفرح ولا يلام. لكن ماذا بعد مباشرة الوظيفة، هل ما زال يذكر ما تعلمه في الجامعة. حتى إن كان يذكر فالمناهج التي سيدرسها للطلاب تطورت كثيرا، هل كان قريبا منها، ملما بما جرى في قطاع التعليم عموما، لا أظن ذلك، حتما سيواجه صعوبات في تأدية الرسالة. لكن ماذنب الطلاب، من حقهم أن يتلقوا أفظل تعليم وأن يكون معلمهم على قدر كاف من المعرفه والإلمام.. ااااه لو صديقي كان يعلم بأنه سينال الوظيفة بعد خمسة عشر عاما من تخرجه، كان بالتأكيد سيحسب حساب هذا اليوم وسيستعد بما يمكنه اتقان هذه المهمة. لكنه مثابر ويستطيع اللحاق بالركب. لكن حتما هناك الكثير من تخرجوا من عشر سنين او أكثر ينتظرون دورهم. منهم من فرح كصديقي ومنهم ما زال ينزف ما تعلمه في الجامعة وهو ينتظر الوظيفة.. طيب لماذا يحيلون ضعف التعليم إلى المناهج؟ لماذا لا يتطرقون إلى ضعف مستوى أداء المعلم والمعلمة ولا ألومهم؟ ألم يكن وضعهم على أرفف قائمة الانتظار لعشرات السنين سببا مباشرا لضعف المستوى، وبالتالي يسري هذا على الناتج العام لمستوى التعليم في مدارسنا. لماذا لا يتم وضع برامج تأهيلية لمن هم قاب قوسين أو أدنى عن الوظيفة التعليمية؟